كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

حياتنا, ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا. وإنما الجزاء والثواب يُستحقان بما تقع به الخاتمة مما يموتون عليه، فلما خفي عليهم الذي ماتت عليه الأمم لم يكن لعلمهم حقيقة، فقالوا: لا علم لنا (¬1).
وذكر الزجاج هذا القول فقال: وقال بعضهم: معنى قول الرسل: لا علم لنا، أي: لا علم لنا بما غاب عنا ممن أُرسِلنا إليه، وأنت تعلم باطنهم، فلسنا نعلم غيبهم، أنت علام الغيوب (¬2)، فعلى هذا معنى قولهم: (لا علم لنا) أي: بباطن أمرهم.
يدل على صحة هذا التأويل:
قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 109]، أي: أنت تعلم ما غاب، ونحن نعلم ما نشاهده، ولا نعلم ما في البواطن (¬3).

110 - قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} الآية، موضع (إذ) يجوز أن يكون رفعًا بالابتداء على معنى: ذاك إذ قال الله، ويجوز أن يكون المعنى: اذكر إذ قال الله (¬4).
وقوله تعالى: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} يجوز أن يكون (عيسى) في محل الرفع (¬5) لأنه منادى مفرد وصف بمضاف، فيكون كقول الشاعر:
يا زبرقانُ أخا بني خَلفٍ
ويجوز أن يكون في محل النصب؛ لأنه في نية الإضافة، ثم جعل
¬__________
(¬1) "تفسير الوسيط" 2/ 244، "زاد المسير" 2/ 453.
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 218.
(¬3) "تفسير الطبري" 7/ 126.
(¬4) "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 528.
(¬5) انظر: المرجع السابق.

الصفحة 586