كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وقوله تعالى: {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} قيل: الكتابة (¬1) يعني الخط، وقيل: أراد الكتب، فيكون الكتاب اسم الجنس ثم فصل بذكر التوراة والإنجيل، وأما الحكمة فالعلم بما في تلك الكتب (¬2).
وقوله تعالى: {فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} وقرأ نافع: (فتكون طائرًا) (¬3)، وأما الطير فواحده طائر، مثل: ضائن وضأن، وراكب وركب، والطائر كالصفة الغالبة.
ولو قال قائل: إن الطائر قد يكون جمعًا مثل الحامل والباقر والسامر كان ذلك قياسًا (¬4)، ويكون على هذا معنى القراءتين واحداً. ويقوي هذا الوجه ما حكاه أبو الحسن الأخفش: طائرة فيكون طائرة وطائر من باب شعيرة وشعير.
وأما قوله تعالى: {فَتَنْفُخُ فِيهَا} وفي آل عمران: {فَأَنْفُخُ فِيهِ} [آل عمران: 49]، والقول في ذلك أن الضمير في قوله: {فِيهَا} يعود إلى الهيئة وتجعلها مصدرًا في موضع المهيأ، كما يقع الخلق موضع المخلوق، وذلك لأن النفخ لا يكون في الهيئة، إنما يكون في المهيأ ذي الهيئة (¬5). ويجوز أن يعود إلى الطير؛ لأنها مؤنثة، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} [الملك: 19]، وأما تذكير الضمير في آل عمران فقد مضى الكلام فيه مستقصى.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الكتاب.
(¬2) "تفسير الطبري" 7/ 127.
(¬3) انظر: "السبعة" ص 249.
(¬4) انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2150 (طار)، "الحجة للقراء السبعة" 3/ 276،277.
(¬5) "تفسير الطبري" 7/ 127، "زاد المسير" 2/ 454، 455.

الصفحة 588