كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

عامة المفسرين في {أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} ألهمتهم، كما قال جل وعز: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68] أي: ألهمها وقذف في قلوبها (¬1)، ومضى الكلام في الحواريين (¬2)، وتفسير الآية ظاهر.

112 - قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}، قال أهل المعاني: هذا على المجاز كما يقول القائل: هل تستطيع أن تنهض معنا، أي: هل تفعل، وذلك أن المانع من جهة الحكمة قد يُجعَل بمنزلة المنامي للاستطاعة.
وقال ابن الأنباري: لا يجوز لأحد أن يتوهم على الحواريين أنهم شكوا في قدرة الله عز وجل، ولا يدل قولهم {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} على أنهم شكوا في استطاعة الله (¬3)، إذ كان العربي يقول لصحابه: هل تستطيع أن تقوم معي؟ وهو يعلم أنه مستطيع للقيام، إنما يقصد بتستطيع معنى: هل يسهل عليك ويخف عليك، فكذلك هو في الآية هل يقبلُ ربُّك دعاءَك، وهل يسهل لك إنزال هذه المائدة علينا (¬4)، وهذا الذي ذكرنا معنى قول الفراء (¬5).
وقال أبو علي الفارسي: ليس هذا على أنهم شكوا في قدرة القديم (¬6)
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 1/ 329، الطبري 7/ 128، "معاني القرآن" للنحاس 2/ 383، "بحر العلوم" 1/ 461.
(¬2) الظاهر أنه عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران: 52].
(¬3) "تفسير الطبري" 7/ 129.
(¬4) "زاد المسير" 2/ 456.
(¬5) "معاني القرآن" 1/ 325.
(¬6) القديم: مما أدخله المتكلمون في أسماء الله تعالى، وليس هو من الأسماء الحسنى الواردة في الكتاب والسنة. انظر: "الطحاوية" ص 67.

الصفحة 590