كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وقال السدي في معنى القراءة الأولى: هل يطيعك ربك إن سألته (¬1)، وهذا على أن استطاع بمعنى أطاع على زيادة السين.
وقال أبو إسحاق في معنى القراءة الثانية: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} هل تستدعي طاعته وإجابته فيما تسأله من هذا (¬2)، قال: ويحتمل وجه مسألة الحواريين عيسى المائدة ضربين:
أحدهما: أن يكونوا أرادوا أن يزدادوا تبيينا (¬3) كما قال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260].
والثاني: أن يكون مسألتهم المائدة قبل علمهم أنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى (¬4)، وأما معنى المائدة فقال الزجاج: الأصل عندي أنها فاعلة من ماد يميد إذا تحرك، فكأنها تميد بما عليها (¬5)، وقال ابن الأنباري: ويقال: إنما سميت مائدة؛ لأنها غياث وعطاء من قول العرب: ماد فلان فلانًا يميده ميدًا، إذا أحسن إليه وأفضل عليه، وأنشد:
إلى أمير المؤمنين المُمتاد (¬6)
أراد الذي يميد الناس أي: يعطيهم ويحسن إليهم (¬7)، فالمائدة على هذا القول فاعلة من الميد بمعنى: معطية، وقال أبو عبيدة: المائدة فاعلة
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري 7/ 131.
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 220.
(¬3) في "معاني الزجاج": تثبيتًا.
(¬4) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 221.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 220.
(¬6) لرؤبة، انظر: "مجاز القرآن" 1/ 159، 182، 183.
(¬7) "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 149، "زاد المسير" 2/ 457.

الصفحة 593