كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} وأراد به يوم القيامة، وإنما خرج هذا مخرج المضي وهو للمستقبل؛ تحقيقًا لوقوعه كقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44] ولم ينادوا بعد، ولكنه بمنزلة ما قد مضى وفعلوا ذلك، من حيث أنه لا يعترض الشك في وقوعه (¬1).
وقوله تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ} هذا الاستفهام معناه: التوبيخ لمن ادعى ذلك على المسيح عليه السلام، قال الزجاج: وذلك أن النصارى مجمعون على أن صادق الخبر، وإذا كذبهم الصادق كان ذلك أوكد للحجة عليهم، وأبلغ في توبيخهم (¬2).
وقوله تعالى: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: من غير الله، كقوله تعالى: {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [البقرة: 23] و (من) زائدة مؤكدة للمعنى.
وقوله تعالى: {قَالَ سُبْحَانَكَ} قال عطاء عن ابن عباس: يريد جل جلالك وتعظمت وتعاليت (¬3). وقال الزجاج: أي: برأتك من السوء (¬4).
وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} قال أبو علي: المعنى إن أكن الآن قلته فيما مضى. وليس كان فيه على المضي؛ لأن الشرط والجزاء لا يقعان إلا فيما يستقبل، والحروف في الجزاء تحيل معنى المضي إلى الاستقبال لا محالة، قال: وهذا الذي ذكرناه من هذا التأويل كان أبو بكر (¬5) يذهب إليه ويحكيه عن أبي عثمان.
¬__________
(¬1) ما رجحه المؤلف اختيار أكثر المفسرين، انظر: "بحر العلوم" 1/ 469، "النكت والعيون" 2/ 90، البغوي 3/ 121، "زاد المسير" 2/ 463.
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 222
(¬3) لم أقف عليه.
(¬4) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 222.
(¬5) لعله أبو بكر الأنباري.

الصفحة 600