كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

تكون بمعنى (عند) فقوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} أي: ما عندي {وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} أي: ما عندك (¬1).
والنفس عند المتكلمين في صفة الله تعالى عبارة عن ذاته وحقيقة وجوده، والموجود يقال له: عين وذات ونفس، وهذا لا يوجب تشبيهًا (¬2).

117 - قوله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ذكر أبو إسحاق في محل (أن) وجوهًا: النصب على البدل من ما، والخفض على البدل من الضمير في (بِهِ)، قال: ويجوز أن يكون بمعنى (أي) مفسِّرة لما أمره به في قوله: {إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} أي: اعبدوا الله، وعلى هذا لا موضع لها من الإعراب (¬3).
وقوله تعالى: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} أي: كنت أشهد على ما يفعلون ما كنت مقيمًا فيهم {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} قال ابن عباس والحسن والقرظي: رفعتني (¬4)، يعنون وفاة الرفع إلى السماء من قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ
¬__________
(¬1) انظر "تهذيب اللغة" 4/ 3629 (نفس).
(¬2) اختلف أهل السنة في إثبات النفس لله هل هي صفة للذات؟ أم أنها الذات؟ قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: ويراد بنفس الشيء ذاته وعينه .. وقد قال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:116] .. فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النفس عند جمهور العلماء الله نفسه، التي هي ذاته المتصفة بصفاته، ليس المراد ذاتًا منفكة عن الصفات ولا المراد بها صفة للذات. وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات, وكلا القولين خطأ. "مجموع الفتاوى" 9/ 292، 293، وانظر: "المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات" للمغراوي 1/ 393 - 396.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 223 بتصرف.
(¬4) انظر: "بحر العلوم" 1/ 469، البغوي 3/ 122، "النكت والعيون" 2/ 89.

الصفحة 602