كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)
فنفعه صدقه (¬1)، وأما إبليس فإنه يصدق أيضًا في ذلك اليوم في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} [إبراهيم: 22] فلم ينفعه صدقه؛ لأنه كان كاذبًا في الدنيا. وهذا معنى قول قتادة (¬2).
والذي ذكرنا من أن المراد بهذا اليوم يوم القيامة قول عامة المفسرين إلا ما روى عطاء عن ابن عباس أنه قال: يريد يومًا من أيام الدنيا؛ لأن الآخرة ليس فيها عمل، إنما فيها الثواب والجزاء (¬3)، وذهب في هذا القول إلى ظاهر الآية من أن الصدق النافع يكون في الدنيا، فلما وصف اليوم بأنه ينفع فيه الصدق جعله من أيام الدنيا، ويكون معنى الآية: (قال الله هذا) أي: هذا الكلام الذي جرى ذكره (يوم ينفع الصادقين)، أي: في يوم ينفع الصادقين صدقهم، وهذا القول يوافق مذهب السدي في أن هذه المخاطبة جرت مع عيسى حين رفع إلى السماء (¬4)، واختلف القراء في نصب {يَوْمُ يَنْفَعُ} ورفعه، فقرأ الأكثرون بالرفع، وقرأ نافع بالنصب (¬5)، واختاره أبو عبيد.
فمن قرأ بالرفع قال الزجاج: فعلى خبر هذا، المعنى: قال الله تعالى اليوم يوم منفعة الصادقين (¬6). هذا كلامه، وشرحه أبو علي فقال: من رفع اليوم جعل الخبر المبتدأ الذي هو {هَذَا} وأضاف يومًا إلى {يَنْفَعُ} والجملة التي هي المبتدأ والخبر في موضع نصب بأنه مفعول القول، كما تقول: قال زيد: عمرو أخوك، وما بعد القول حكايته، ومن نصب {يَوْمَ
¬__________
(¬1) معنى قول السدي عند الطبري 7/ 141.
(¬2) انظر: البغوي 3/ 124.
(¬3) انظر: البغوي 3/ 124.
(¬4) "تفسير الطبري" 7/ 141.
(¬5) النصب قراءة نافع وحده، والرفع للباقين. "الحجة" 3/ 282.
(¬6) "معانى القرآن وإعرابه" 2/ 224.
الصفحة 607
614