كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

قال الزجاج: {هَؤُلَاءِ} ههنا بمعنى الذين، المعنى: ها أنتم الذين جادلتم، لأن هؤلاء وهذا يكونان في الإشارة للمخاطبين إلى أنفسهم بمنزلة الذين، وقد يكون لغير المخاطبين بمنزلة الذين، نحو قول الشاعر:
عدس: ما لعبَّاد عليك إمارةٌ ... أمنت وهذا تحملين طليق (¬1)
أي الذي تحملين طليق (¬2).
وقال غيره: هؤلاء إشارة إلى نفس المخاطبين على جهة البيان والتأكيد، كما تقول: فعلت أنت، وفعل هو (¬3):
وذكرنا في هذا بيانًا شافيًا في قوله: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} [آل عمران: 119].
ومعنى الجدل في اللغة: شدّة المخاصمة، والجدْلُ: شدة الفتل، ورجل مجدول، كأنه قد فتل (¬4). والأجدَلُ: الصقر؛ لأنه من أشد الطيور قوة. هذا قول أبي إسحاق (¬5).
وقال غيره: سمى المخاصمة جدالًا، لأن كل واحد من الخصمين يريد فتل صاحبه عما هو عليه وصرفه عن رأيه (¬6).
¬__________
(¬1) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري. وهو في "الشعر والشعراء" ص 229، و"تهذيب اللغة" 3/ 2357 (عدس)، و"المحتسب" 2/ 94، و"اللسان" 5/ 2837 (عدس). وعدس كلمة زجر للبغل.
(¬2) "معاني الزجاج" 2/ 102، بتصرف، وانظر: القرطبي 5/ 379.
(¬3) نحو قول الأخفش في "معاني القرآن" 1/ 454.
(¬4) في "معاني الزجاج" 2/ 102: "قتل" بالقاف.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 102، وانظر: "الكشف والبيان" 4/ 118 أ، و"زاد المسير" 2/ 193.
(¬6) لم أقف على قائله.

الصفحة 78