قال ابن عباس في قوله: {جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يريد الذين جادلوا من الأنصار، من قرابته (¬1). وفي حرف عبد الله (عنه)، يعني السارق وحده (¬2)، وفي قراءتنا: (عنهم) (¬3) يعني السارق وذويه.
وقوله تعالى: {فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} خرج الكلام ههنا مخرج الاستفهام والمراد النفي، وجاز ذلك لأن جوابه لا يصح إلا بالنفي (¬4). ومضت نظائر كثيرة لهذا.
والمراد بهذا الاستفهام التقريع والتوبيخ لمن جادل عن الخائنين.
قال أبو إسحاق: كأنه قيل لهم: إن يقع (¬5) الجدال في الدنيا عن أمر هذا السارق فيوم القيامة لا ينفع فيه جدال ولا شهادة (¬6)؛ لأنه اليوم الذي يؤخذ [فيه] (¬7) بالحقائق.
وقوله تعالى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} معنى الوكيل في اللغة هو الذي جُعل له القيام بالأمر، ووكل إليه الأمر (¬8).
وقوله: {أَمْ مَنْ يَكُونُ} عطف على استفهام معناه النفي، فهذا أيضًا
¬__________
(¬1) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 96.
(¬2) انظر: "البحر المحيط" 3/ 345، ونسب الثعلبي في "الكشف والبيان" 4/ 118 أ، هذِه القراءة إلى أبي.
(¬3) هذه هي القراءة المتواترة الموافقة لرسم المصحف.
(¬4) انظر: الطبري 5/ 272، و"البحر المحيط" 3/ 345.
(¬5) في "معاني الزجاج" 2/ 102: "إن يقم" بالميم.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 102.
(¬7) ما بين المعقوفين غير واضح في المخطوط، وما أثبته قريب.
(¬8) انظر: الطبري 5/ 272، و"مقاييس اللغة" 6/ 136، و"أساس البلاغة" 2/ 525 - 526، و"اللسان" 8/ 4909 - 4910 (وكل).