ما مررت بأحد إلا زيد، والثاني: النصب على الاستثناء، كما تقول: ما جاءني أحدًا (¬1) إلا زيدًا، فهذا استثناء الجنس من الجنس (¬2).
وإن جعلت النجوى اسمًا للقوم المنتجين كان منصوبًا على الاستثناء، لأنه استثناء الجنس من الجنس.
ويجوز أن يكون في محل الخفض من وجهين: أحدهما: أن تجعله تبعًا لكثير، على معنى: لا خير في كثير من نجواهم إلا فيمن أمر بصدقة، كقولك: لا خير في القوم إلا نفر منهم. والثاني: أن تجعله تبعًا للنجوى، كما تقول: لا خير في جماعة من القوم إلا زيدًا، إن شئت أتبعت زيدًا لجماعة، وإن شئت أتبعته القوم.
وهذا الذي ذكرنا معنى قول الفراء (¬3) والزجاج (¬4) وغيرهما من النحويين (¬5).
فأما التفسير: فقال ابن عباس فيما روى عنه أبو صالح: المراد بالنجوى: نجوى قوم طعمة (¬6).
قال مقاتل: تناجوا في شأن طعمة، فأنزل الله هذه الآية (¬7).
ومعنى الآية: أن الله تعالى لم يجعل فيما يتسارون بينهم خيرًا إلا فيما استثنى من الأمر بالصدقة والحث عليها (¬8).
¬__________
(¬1) هكذا في المخطوط بالنصب، والظاهر أنه بالرفع على الفاعلية.
(¬2) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 452.
(¬3) في "معاني القرآن" 1/ 288.
(¬4) في "معاني القرآن" 2/ 106.
(¬5) انظر: الطبري 9/ 202، 203، و"إعراب القرآن" للنحاس 1/ 452، و"مشكل إعراب القرآن" 1/ 208، و"الدر المصون" 4/ 89.
(¬6) "الكشف والبيان" 4/ 119 ب، و"زاد المسير" 2/ 198، و"تنوير المقباس" ص 97.
(¬7) انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 406، و"زاد المسير" 2/ 198.
(¬8) "الكشف والبيان" 4/ 119 ب، وانظر: "زاد المسير" 2/ 199.