يدل على هذا ما روت أم حبيبة (¬1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا ما كان من أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله" (¬2).
وروي أن رجلاً قال لسفيان: ما أشد هذا الحديث؟ فقال سفيان: ألم تسمع الله يقول: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} فهو هذا بعينه؟ أو ما سمعت الله يقول: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1 - 2] فهو هذا بعينه (¬3).
ثم أعلم الله أن ذلك إنما ينفع من ابتغى به ما عند الله فقال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ}؛ لئلا يُتوهم أن من يفعله للناس (...... (¬4)) عليهم داخل في هذا الوعد.
قال الزجاج: ونصب {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}. قال: وهو راجع إلى تأويل المصدر [كأنه قال: ومن يبتغ ابتغاء مرضات الله] (¬5).
115 - قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} الآية. ذكرنا معنى الشقاق والمشاقة في سورة البقرة.
¬__________
(¬1) هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشية، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما تنصر زوجها عبد الله بن جحش وهما في الحبشة، ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عامًا، وماتت سنة 44 هـ.
انظر: "الاستيعاب" 4/ 401، و"أسد الغابة" 7/ 115، و"الإصابة" 4/ 305.
(¬2) أخرجه ابن ماجه (3974) كتاب: الفتن، باب: كف اللسان في الفتنة، وابن مردويه. انظر: ابن كثير 2/ 392.
(¬3) انظر: "الوسيط" 2/ 707، و"التفسير الكبير" 11/ 42.
(¬4) طمس في المخطوط بقدر ما بين أو أربع كلمات. ويمكن أن يقدر: (مراءاةً لهم وتمويهًا) عليهم ...
(¬5) طمس في (ش) بمقدار ما بين المعقوفين، والتسديد من "معاني الزجاج" 2/ 106.