كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وقال أهل المعاني: (في قوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا}: يجوز أن يكون الحكم بهذا الأجل كان بعد خلق آدم، ويجوز أن يكون قبله لسبق علمه (¬1) بذلك قبل أن يخلق الخالق، وعلى هذا يحمل قوله: {ثُمَّ} لسبق الخبر الثاني على الخبر الأول، كقول الشاعر (¬2):
قلْ لمنْ سادَ ثم سادَ أبُوهُ ... ثُمَّ قد سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ
والجد سابق للأب، والأب سابق للممدوح) (¬3).
¬__________
(¬1) قال شيخ الإِسلام في "الفتاوى" 14/ 490 - 492 في الآية: (إن الله يكتب للعبد أجلا في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب، والمحو والإثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا هو فيه ولا إثبات) ا. هـ ملخصًا.
(¬2) الشاهد لأبي نواس في "ديوانه" ص 222. وبلا نسبة في "رصف المباني" ص 250، و"الدر المصون" 3/ 220، و"المغني" لابن هشام 1/ 117، و"تفسير ابن كثير" 2/ 139، وفي الديوان:
قلْ لمنْ سادَ ثم سادَ أبُوهُ ... قبله ثم قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ
قال السمين عن الشاهد: (الترتيب يعود إلى الخبر لا إلى الوجود). وحكى ابن هشام: (أن الجد أتاه السؤدد من قبل الأب، والأب من قبل الابن) ا. هـ وظاهر كلام ابن القيم في "مختصر الصواعق" 2/ 130: أن البيت لشاعر لا يحتج به. وقال في ص 129 (القول بأن (ثم) تأتي لترتيب الخبر لا لترتيب المخبر، فيجوز أن يكون ما بعدها سابقًا على ما قبلها في الوجود وإن تأخر عنه في الإخبار لا يثبت ولا يصح به نقل، ولم يأت في كلام فصيح، ولو قدر وروده فهو نادر، لا يكون قياسًا مطردًا تترك الحقيقة لأجله).
(¬3) انظر: "إعراب النحاس" 1/ 535، وقال ابن فارس في "الصاحبي" ص 216: (قوله جل ثناؤه: {خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} وقد كان قضى الأجل، فمعناه أخبركم أني خلقته من طين، ثم أخبرك أني قضيت الأجل، كما تقول: كلمتك اليوم ثم قد كلمتك أمس، أي: أني أخبرك بذلك ثم أخبرك بهذا) ا. هـ.

الصفحة 13