كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وقوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} أي: بعد هذا البيان تشكون يا معشر المشركين وتكذبون بالبعث. والمرية (¬1) والامتراء: الشك. والآية حجة على منكري البعث بأن الذي ابتدأ الخلق يصح أن يعيده كما ابتدأه وقدر الأجلين له (¬2).

3 - قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} الآية، (الله) إذا جعلت هذا الاسم علمًا ثم وصلته بالمحل أوهم أن يكون الباري سبحانه في محل، كما تقول: زيد في البيت وتعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، وتكلم أهل المعاني في هذا فقال أبو بكر (¬3):
(إن وإن كان اسمًا علمًا ففيه معنى ثناء وتعظيم المعظم) (¬4) ونحو هذا، قال أبو إسحاق: فقال: ({فِي} موصولة في المعنى بما يدل عليه اسم الله عز وجل، والمعنى: هو المنفرد بالتدبير في السموات والأرض، كما تقول: هو الخليفة في الشرق والغرب) (¬5).
¬__________
(¬1) المرية والامتراء: الشك في الأمر، وقال الراغب في "المفردات" ص 766: (المرية: التردد في الأمر وهو أخص من الشك، والامتراء والمماراة: المحاجّة فيما فيه مرية) ا. هـ وانظر: "العين" 8/ 295، و"الجمهرة" 2/ 806، و"تهذيب اللغة" 4/ 3384، و"الصحاح" 6/ 2491، و"المجمل" 3/ 828، و"مقاييس اللغة" 5/ 314، و"اللسان" 8/ 4189 (مرى).
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" 7/ 147، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 473، والماوردي 2/ 93.
(¬3) تقدمت ترجمته.
(¬4) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 9، وابن الجوزي 3/ 4.
(¬5) انظر "معاني القرآن" 2/ 228، وهذا القول رجحه الجمهور كما أفاده السمين في "الدر" 4/ 529، وقال ابن عطية في "تفسيره" 5/ 127: (هذا عندي أفضل الأقوال وأكثرها إحرازًا لفصاحة اللفظ وجزالة المعنى) ا. هـ وقال القرطبي في "تفسيره" =

الصفحة 14