كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)
4 - وقوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ}، {مِنْ} في قوله: {مِنْ آيَةٍ} لاستغراق الجنس الذي يقع في النفي، كقولك: ما أتاني (¬1) من أحد، والثانية: للتبعيض، فالأول خرج مخرج عموم الآيات كأنه قيل: أي آية أتتهم هي بعض آيات ربهم (¬2)، والمراد بالآيات: الدلالات التي يجب أن يستدلوا بها على توحيد الله وصدق نبيه - صلى الله عليه وسلم - من خلق السموات والأرض وما بينهما مع المعجزات التي أتى بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو العالية في قوله تعالى: {مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ}: (مثل الشمس والقمر والنجوم) (¬3). قال ابن عباس: (ومن الآيات (¬4) انشقاق القمر بمكة). وقال عطاء: ({وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ}: يريد القرآن) (¬5).
¬__________
(¬1) في (ش): (ما أبالي من أحد).
(¬2) انظر: "الكشاف" 2/ 5، و"تفسير ابن عطية" 5/ 128، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 390، و"الدر المصون" 4/ 533 - 534، ونقل قول الواحدي والرازي في "تفسيره" 12/ 157.
(¬3) لم أقف عليه.
(¬4) في "تنوير المقباس" 2/ 4، نحوه، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 6/ 175 ب، والبغوي في "تفسيره" 3/ 128 بلا نسبة.
(¬5) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 9، والبغوي في "تفسيره" 3/ 128، والأولى العموم فتشمل الآيات الشرعية والكونية، الآية من القرآن والمعجزة كانشقاق القمر ونحوه، وهو اختيار الجمهور. انظر: "تفسير الطبري" 7/ 148، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 474، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 4، والرازي في "تفسيره" 12/ 157، وقد أخرج البخاري في "صحيحه" (3636)، كتاب "المناقب"، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اشهدوا" ا. هـ.
الصفحة 16
566