كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

أعين الخلق تحار عن رؤية الملائكة إلا بعد التجسم بالأجسام الكثيفة) (¬1).
قال الزجاج: (قيل: إن الملك لو نظر إليه ناظر على هيئته لصعق، ولذلك كانت الملائكة تأتي الأنبياء في سورة الإنس، كجبريل عليه السلام (¬2) يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3) في سورة دحية (¬4) الكلبي، وكقصة نبإ الخصم إذ تسوروا (¬5) المحراب، وكما أتوا إبراهيم (¬6) ولوطًا -عليهما السلام- في صورة
¬__________
(¬1) قال القرطبي في "تفسيره" 6/ 393: (أي لا يستطيعون أن يروا الملك في صورته إلا بعد التجسم بالأجسام الكثيقة؛ لأن كل جسم يأنس بجنسه وينفر من غير جنسه) ا. هـ وقال ابن عطية 5/ 133: (أهل التأويل مجمعون أنهم لم يكونوا يطيقون رؤية الملك في صورته، فالأولى في قوله: {لَقُضِيَ الْأَمْر} أي لماتوا من هول رؤيته) ا. هـ ملخصًا وانظر: "البحر المحيط" 4/ 78.
(¬2) في (ش): (كان يأتي).
(¬3) أخرج البخاري (3633)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، ومسلم رقم 2451، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: (إن جبريل عليه السلام أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أم سلمة فجعل يحدث ثم قام. فقال النبي لأم سلمة: "من هذا؟ " قالت: هذا دحية) الحديث. وقال ابن حجر في "الإصابة" 1/ 473، والمناوي في "الفتح السماوي" 2/ 600: (أخرج النسائي بسند صحيح عن ابن عمر قال: (كان جبريل يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في سورة دحية الكلبي). وانظر: "الكافي الشافي" لابن حجر 60 - 61.
(¬4) دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورسوله بكتابه إلى قيصر الروم ليوصله إلى هرقل، وهو صحابي جليل مشهور، وكان جميلًا يضرب به المثل في حسن الصورة، أسلم قبل بدر، وتوفي في خلافة معاوية. انظر: "الاستيعاب" 1/ 472، و"سير أعلام النبلاء" 2/ 550، و"الإصابة" 1/ 473، و"تهذيب التهذيب" 1/ 573، و"تهذيب تاريخ ابن عساكر" 5/ 221.
(¬5) قصة دواد عليه السلام مع الخصم مذكورة في سورة ص الآية 21 وما بعدها.
(¬6) قصة إبراهيم عليه السلام مع الرسل مذكورة في مواضع من القرآن منها: في (سورة هود الآية: 69 وما بعدها)، وفي (سورة الحجر الآية 51 وما بعدها)، وفي (سورة الذاريات الآية: 24 وما بعدها).

الصفحة 26