وأكثر المفسرين جعلوا الآية من باب حذف المضاف؛ لأنهم قالوا: نزل وأحاط بهم عقوبة ما كانوا به يستهزئون وجزاء ما كانوا به يستهزئون. قال الزجاج: ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] أي: لا يرجع عاقبة مكرهم إلا عليهم) (¬1)، وهذا إذا جعلت {مَا} في قوله: {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} عبارة عن القرآن والشريعة وما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن جعلت {مَا} عبارة عن العذاب الذي كان (¬2) يوعدهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - إن لم يؤمنوا استغنيت عن تقدير حذف المضاف، ويكون المعنى: فحاق بهم الذي كانوا يستهزئون به من العذاب وينكرون وقوعه (¬3).
11 - قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} قال ابن عباس: (سافروا في الأرض، {ثُمَّ انْظُرُوا}: فاعتبروا، {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ}: مكذبي الرسل) (¬4).
قال قتادة (¬5): (دمر الله عليهم، ثم صيرهم إلى النار). قال مقاتل:
¬__________
(¬1) "معاني الزجاج" 2/ 231، وفيه: (أي لا ترجع عاقبة مكروهة إلا عليهم) ا. هـ.
(¬2) في (أ): (الذي كانوا).
(¬3) انظر: الرازي في "تفسيره" 12/ 163، وذكر قول الواحدي السمين في "الدر" 4/ 6547، و (ما) في قوله: {مَا كَانُوا} موصولة ولا حاجة إلى الإضمار والمعنى، نزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به وهو ظاهر كلام الطبري في "تفسيره" 7/ 153، والزمخشري 2/ 7، ورجحه أبو حيان 4/ 80، وذكر الألوسي في "روح المعاني" 7/ 102، أن هذا اختيار الواحدي، وقال بعضهم: (ما) مصدرية، والمعنى: نزل بهم عاقبة أو جزاء أو وبال استهزائهم. "إعراب النحاس" 1/ 537، و"المشكل" 1/ 246، و"البيان" 1/ 314، و"التبيان" ص 323، و"الفريد" 2/ 124.
(¬4) انظر: "تنوير المقباس" 2/ 6، ففيه نحوه.
(¬5) أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 154، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1268، بسند جيد.