والفاء في قوله {فَهُمْ} (1) تضمن (2) معنى الشرط والجزاء كقولهم: الذي يكرمني فله درهم، دخلت الفاء؛ لأن الدرهم وجب بالإكرام، فكأن الإكرام شرطًا والدرهم، جزاء، كما تقول: من يأتني فله درهم (3). ويجوز أن يقال: إن الفاء زائدة، فإنها تزاد في مواضع، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم (4). من ذلك قولهم: زيدًا فاضرب، وقوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر:4: 5]، الفاء هاهنا زائدة (5).
13 - وقوله تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} قال الكلبي: (إن
__________
(1) ذكر هذا القول كل من رجح قول الزجاج. وانظر: "تفسير ابن عطية" 6/ 13، والرازي 12/ 166.
(2) في (ش): (يتضمن).
(3) الفاء تربط شبه الجواب بشبه الشرط، فيجوز دخول الفاء في خبر الموصول. انظر: "معاني الأخفش" 1/ 187، و"الأصول" 2/ 272، و"المغني" 1/ 165.
(4) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 171 ب و1/ 223 أ.
(5) هذا قول ابن جني في "سر صناعة الإعراب" 1/ 258 - 260، بتصرف واختصار، وأكثرهم على أن الفاء في {فَهُمْ} رابطة وليست زائدة، وقد اختلف في زيادة الفاء فأجازه الرماني في "معاني الحروف" ص 43 - 47 وابن هشام في "المغني" 1/ 165 - 166.
وقال ابن هشام في "الإعراب عن قواعد الإعراب" ص 198 - 109: (وينبغي أن يتجنب المعرب أن يقول في حرف في كتاب الله تعالى إنه زائد؛ لأنه يسبق إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له، وكلام الله سبحانه منزه عن ذلك، والزائد عند النحويين معناه الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية والتوكيد لا المهمل، وكثير من المتقدمين يسمون الزائد صلة، وبعضهم يسميه لغوًا، لكن اجتناب هذه العبارة في التنزيل واجب) ا. هـ.
وانظر: "البرهان" للزركشي 1/ 305، و"الدر المصون" 5/ 263، و"موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب" لخالد الأزهري ص 167 - 170.