ولا يريدون به التشبيه، كقولهم: أنا أكرم مثلك. أي: أنا أكرمك، وعلى هذا يتوجه قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ [مِنَ النَّعَمِ]} (¬1) [المائدة: 95] فيمن أضاف (¬2)؛ لأن معناه: فجزاء ما قتل، لا جزاء مثله.
ومن هذا قل (¬3) في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ليس كهو شيء (¬4)، والتقدير في الآية: أفمن جعلنا له نورًا (¬5) يمشي به كمن هو في الظلمات، والمِثْل والمَثل (¬6) واحد.
ويجوز أن يكون المعنى: كمن مثله الذي هو شبه له في الظلمات، وإذا كان مثله في الظلمات كان هو أيضًا فيها، فأخبر عن مثله، أي: شبهه، والمراد به: الكافر لا شبيهه، وهذان القولان معنى ما ذكره أبو علي (¬7) في هذه الآية، وقال غيره من النحويين (¬8): (معنى الآية: كمن في الظلمات، وزيد المثل لأنه يفيد أنه يُضرب به المثل في ذلك). وقال بعضهم: (التقدير كمن مثله مثل من في الظلمات، أي: كمن لو شبه بشيء كان شبيهه من في
¬__________
(¬1) لفظ: (من النعم) ساقط من (أ).
(¬2) يعني: على قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر (فجزاءُ مِثْلِ ما قتل)، بضم (فجزاءُ) من غير تنوين مضافة وجر (مثل). انظر: "السبعة" ص 247، و"المبسوط" ص 163، 164، و"التذكرة" 2/ 390.
(¬3) كذا في النسخ، والأولى: (ومثل هذا قل في قوله).
(¬4) انظر: "معاني الحروف" للرماني ص 48، 49، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 291.
(¬5) في (أ): (نوران)، وهو تحريف.
(¬6) المثل بكسر الميم وسكون الثاء، والمثل بالفتح، واحد، بمعنى: التسوية، انظر: "اللسان" 7/ 4132 (مثل).
(¬7) انظر: "الحجة" لأبي علي 3/ 256 - 257، وهو نص كلامه مع زيادة شرح من الواحدي.
(¬8) لم أقف عليه.