كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

قوله: جعلناهم (¬1) {لِيَمْكُرُوا} بيان أنهم لم يمكروا مُعاداة لله، بل جعلهم أكابر ليمكروا تكذيبًا للقدرية في مسألة التعديل والتجوير (¬2).
وقوله تعالى: {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ}. قال ابن عباس: (يريد: ما يحيق هذا المكر إلا بهم؛ لأنهم بمكرهم يعذبون) (¬3)، كأنه قيل: ما يضرون بذلك المكر إلا أنفسهم؛ لأن وبال مكرهم يعود عليهم {وَمَا يَشْعُرُونَ} أنهم يمكرون بها (¬4)، قال ابن عباس: (لأنهم يقتلون ويصيرون إلى العذاب) (¬5).

124 - قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} الآية، قد ذكرنا قول مقاتل في سبب نزول هذه الآية، وقال غيره من المفسرين: (إن الوليد بن المغيرة قال: والله لو كانت النبوة حقًّا، لكنت أولى بها منك؛ لأني أكبر منك سنًا وأكثر منك مالاً، فأنزل الله هذه الآية) (¬6)، وقال الضحاك: (سئل كل واحد من القوم أن يخص بالوحي والرسالة كما أخبر الله عنهم في قوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [المدثر: 52] (¬7)، وظاهر الآية يدل على هذا؛ لأن الكناية في قوله:
¬__________
(¬1) هكذا العبارة في النسخ، وهي لا تستقيم، ولعل فيه سقطًا، أو الصواب: ومعنى (ليمكروا) جعلناهم ليمكروا، وفيه بيان أنهم لم يمكروا.
(¬2) انظر: "تفسير الرازي" 13/ 174.
(¬3) لم أقف عليه، وهو نص كلام الزجاج في معانيه 2/ 288.
(¬4) انظر: "تفسير الطبري" 8/ 24، و"معاني النحاس" 2/ 484، و"تفسير السمرقندي" 1/ 511.
(¬5) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 113.
(¬6) ذكره أكثرهم. انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 588، والسمرقندي 1/ 511 , والثعلبى 183 ب، والبغوي 3/ 185، والرازي 13/ 175، والقرطبي 7/ 80.
(¬7) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 113 , وابن الجوزي في "تفسيره" 13/ 175.

الصفحة 412