كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

الإنس بالجن (¬1)، وأما استمتاع الجن بالإنس فهو: أن الإنس إذا عاذ بالجن كان ذلك تعظيمًا منهم للجن، وذلك الجني (¬2) يقول: قد سُدت الإنس والجن؛ لأن الإنسي قد اعترف له بأنه يقدر أن يدفع عنه).
وهذا قول الحسن (¬3) وابن جريج (¬4)، والكلبي (¬5)، وعكرمة (¬6)، واحتجوا على هذا بقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6].
وقال ابن عباس في رواية عطاء: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ}: (يريد: في الدنيا، وما كانوا يضلونهم) (¬7)، ومعنى هذا: أن استمتاع الجن بالإنس طاعتهم لهم فيما يغرونهم به من الضلالة والكفر والمعاصي، واستمتاع الإنس (¬8) بالجن أن الجن زينت لهم الأمور التي يهوونها حتى يسهل عليهم فعلها، وهذا القول اختيار الزجاج؛ لأنه قال: (الذي يدل عليه
¬__________
(¬1) لفظ: (الجن)، غير واضح في (ش).
(¬2) في (أ): (وذلك الجن).
(¬3) ذكره الماوردي في "تفسيره" 2/ 168، والرازي 13/ 191، وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1387، بسند جيد عن الحسن، قال: (ما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت، وعملت الإنس) اهـ. وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 85.
(¬4) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 33، بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 85.
(¬5) "تنوير المقباس" 2/ 60، وذكره هود الهواري في "تفسيره" 1/ 559، والثعلبي في "الكشف" 184 أ، والبغوي في "تفسيره" 3/ 188، والخازن 2/ 183.
(¬6) ذكره الرازي في "تفسيره" 13/ 191، عن الحسن وعكرمة والكلبي وابن جريج.
(¬7) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 119، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 123، وأبو حيان في "البحر" 4/ 220.
(¬8) في (ش): (الأنسي).

الصفحة 436