وقوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ}، قال ابن عباس: (يريد: فيها مقامكم) (¬1).
قال الزجاج: (المثوى: المقام، {خَالِدِينَ فِيهَا} منصوب على الحال، المعنى: النار مقامكم في حال خلود دائم) (¬2).
قال أبو علي: (المثوى عندي في الآية اسم للمصدر دون المكان، لحصول الحال في الكلام معملًا فيها، واسم الموضع لا يعمل عمل الفعل؛ لأنه لا معنى للفعل فيه، فإذا لم يكن موضعًا ثبت أنه مصدر، والمعنى: النار ذات إقامتكم فيها، {خَالِدِينَ} أي: هي أهل أن يقيموا (¬3) فيها ويثووا خالدين، فالكاف والميم في المعنى فاعلون، وإن كان في اللفظ خفضًا بالإضافة، ومثل هذا قول الشاعر:
وَمَا هِيَ إلاَّ في إِزَارٍ وَعِلْقَةٍ ... مُغَارَ ابْنِ هَمَّامٍ عَلَى حَيِّ خَثْعَمَا (¬4)
¬__________
= وانقطع بانقطاع أجله، فلم يستمر ولم يدم، فبلغ الأمر الذي كان أجله، وانتهى إلى غايته، ولكل شيء آخر، فقال تعالى: {النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا} فإنه وإن انقطع زمن التمتع وانقضى أجله فقد بقي زمن العقوبة، فلا يتوهم أنه إذا انقضى زمن الكفر والشرك وتمتع بعضكم ببعض أن مفسدته زالت وانتهت بانتهائه، والمقصود أن الشيطان تلاعب بالمشركين حتى عبدوه واتخذوه وذريته أولياء من دون الله) اهـ. ملخصًا.
(¬1) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 119، وفي "تنوير المقباس" 2/ 60 نحوه.
(¬2) "معاني الزجاج" 2/ 291، ونحوه قال النحاس في "معانيه" 2/ 490، و"إعراب القرآن" 1/ 580.
(¬3) في (أ): (تقيموا)، وهو تصحيف.
(¬4) "الشاهد" لحميد بن ثور الهلالي في "الكتاب" 1/ 234 - 235، وبلا نسبة في: "الكامل" للمبرد 1/ 201، و"المقتضب" 2/ 120، و"الخصائص" 2/ 208, و"المحتسب" 2/ 266، و"أمالى" ابن الحاجب 2/ 80، و"اللسان" 5/ 3072 =