من الجن) (¬1)، ونحو ذلك قال ابن جريج (¬2) وأبو عبيد (¬3): (هم الذين استمعوا القرآن فأبلغوه قومهم)، وعلى هذا أولئك (¬4) الذين استمعوا (¬5) وذهبوا إلى الجن فأنذروا لم يفعلوا ذلك بنص الله تعالى على إرسالهم, ولكن يجوز أن يضاف ذلك إلى الله فيقال: هم رسل الله، كما سمّى الله تعالى رسُل عيسى (¬6) رسله فقال: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: 14].
وقال الضحاك: (من الجن رسل كما من الإنس رسل) (¬7) والآية تدل على (¬8) ذلك، والقول هو الأول، وهو ما ذكرنا أن رسل الجن لم يكونوا مرسلين بنص الله تعالى وإنما كانوا نذرًا على الوجه الذي بيّنا (¬9).
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1389، بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 86.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 36، بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 86.
(¬3) لم أقف عليه.
(¬4) في (أ): (وعلى هذا ؤلئك)، وهو تحريف.
(¬5) في (أ): (استمتعوا)، وهو تحريف.
(¬6) انظر: "تفسير الرازي" 13/ 195. وظاهر القرآن -وهو اختيار الجمهور ومنهم ابن كثير في "تفسيره" 2/ 198 - أنهم رسل الله بعثهم إلى أهل القرية. قال ابن الجوزي في "تفسيره" 7/ 11: (هذا هو ظاهر القرآن والمروي عن ابن عباس وكعب ووهب) اهـ.
(¬7) أخرجه الطبري 8/ 36، بسند جيد، وهو قول مقاتل في "تفسيره" 1/ 589.
(¬8) ذكره عن الضحاك الماوردي في "تفسيره" 2/ 170، وابن الجوزي 3/ 125, وقالا: (وهو ظاهر الكلام).
(¬9) وهذا هو الظاهر، وهو قول جمهور السلف والخلف، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في "تفسيره" 2/ 198: وساق عدة أدلة من الكتاب والسنة على أن الرسل من الإنس فقط، ولم يكن في الجن رسل منهم. وهو اختيار شيخ الإسلام في رحمه الله تعالى في "الفتاوى" 16/ 192، وقال في 4/ 234: (وقيل: الرسل من الإنس, والجن فيهم النذر، وهذا أشهر.) اهـ.