كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

130 - وقوله تعالى: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا}. يقول: شهدنا أنهم قد بلغوا، يقول الله تعالى: (وغرتهم (¬1) الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين). قال مقاتل: (حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك والكفر في الدنيا) (¬2).
131 - قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ} الآية. قال الزجاج: (ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وأمر عذاب من كذب بها؛ لأنه لم يكن مهلك القرى بظلم) (¬3)، فعلى هذا الإشارة وقعت إلى العقاب الذي في قوله: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ} [الأنعام: 128] وإلى إتيان الرسل في قوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام:130] وموضع {ذَلِكَ} رفع الابتداء على معنى: ذلك الأمر، أي: العقوبة بعد تكذيب الرسل، ويجوز أن يكون موضع (ذلك) نصبًا على معنى: فعل ذلك، وهذا معنى قول الفراء (¬4) وسيبويه (¬5) والزجاج (¬6).
وقوله تعالى: {أَنْ لَمْ يَكُنْ} (أن) هاهنا هي المخففة من الثقيلة ويقدر معها الخافض وإضمار الهاء على تقدير: لأنه لم يكن، وهي التي في قول الأعشى:
¬__________
(¬1) في (أ): (وغرتهم الله الحياة الدنيا)، وهو تحريف واضح.
(¬2) "تفسير مقاتل" 1/ 589.
(¬3) "معاني الزجاج" 2/ 293.
(¬4) "معاني الفراء" 2/ 355، ومثله ذكر الطبري في "تفسيره" 8/ 37.
(¬5) لم أقف عليه في الكتاب، وقد ذكر الزجاج في "معانيه" 2/ 293, والنحاس في "إعراب القرآن" 1/ 580: (عن سيبويه أنه في موضع رفع بمعنى: الأمر ذلك؛ لأن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم)، ولم أجد من ذكر عنه وجه النصب.
(¬6) "معاني الزجاج" 2/ 292 - 293.

الصفحة 445