كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

آلهتهم ثم ذم الله فعلهم فقال: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي: ساء الحكم حكمهم حيث صرفوا ما جعلوا لله على جهة التبرر للأوثان (¬1).

137 - قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الآية. قال الزجاج (¬2): (أي: ومثل ذلك الفعل القبيح {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}) (¬3)، وقال أبو بكر: (وذلك إشارة إلى ما نعاه الله عليهم من قسمهم ما قسموا بالجهل، فكأنه قيل: ومثل ذلك الذي أتوه في القسم جهلًا وخطأً {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} فشبه تزيين الشركاء بخطأهم في القسم) (¬4)، وهذا معنى قول الزجاج.
قال مجاهد (¬5): ({شُرَكَاؤُهُمْ}: شياطينهم أمروهم أن يئدوا أولادهم خشية العيلة) (¬6)، وسميت الشياطين شركاء؛ لأنهم أطاعوهم في معصية الله فأشركوهم مع الله في وجوب طاعتهم، وأضيفت الشركاء إليهم، لأنهم اتخذوها، كقوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 22] (¬7).
¬__________
(¬1) في (ش): (التبرر إلى الأوثان).
(¬2) في (أ): (قال الزجل)، وهو تحريف.
(¬3) ذكره السمين في "الدر" 5/ 161، عن الزجاج، ولم أقف عليه في "معاني الزجاج".
(¬4) ذكره السمين في "الدر" 5/ 161، عن ابن الأنباري.
(¬5) "تفسير مجاهد" 1/ 224، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 40/ 41، وابن أبي حاتم 4/ 1391 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 88
(¬6) العيلة، بفتح فسكون: الفقر، وشدة الحاجة. انظر: "اللسان" 5/ 3194 (عيل).
(¬7) كتبت الآية في النسخ خطأ بلفظ (أين شركاؤكم الذين كنتم تدعون من دون الله)، واستشهد الواحدي في "الوسيط" 1/ 125، على الموضوع بقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [فاطر: 40].

الصفحة 456