كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وهذان البيتان مثل قراءة ابن عامر، ألا ترى أنه فصل فيهما بين المصدرين والمضاف إليهما بالمفعول به، كما فصل ابن عامر بين المصدر وما حكمه أن يكون مضافًا إليه، وأضيف القتل في هذه القراءة إلى الشركاء وإن لم يتولوا ذلك؛ لأنهم هم الذين زينوا ذلك ودعوا إليه فكأنهم فعلوا ذلك) (¬1).
وقوله تعالى: {لِيُرْدُوهُمْ}. قال ابن عباس: (يريد: في النار) (¬2)، والإرداء في اللغة: الإهلاك (¬3) وفي القرآن: {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56].
¬__________
= والشاهد: الفصل بين المضاف زج والمفاف إليه: أبي مزادة بالمفعول، وهو القلوص. انظر: "حاشية تفسير الطبري" 12/ 138 ط. شاكر.
(¬1) "الحجة" لأبي علي 3/ 409 - 414، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 582، و"معاني القراءات" 1/ 388، و"إعراب القراءات" 1/ 171، و"الحجة" لابن خالويه ص 150، ولابن زنجلة ص 273، و"الكشف" 1/ 453، و"المشكل" 1/ 269. وقد ذكر قول أبي علي الفارسي وغيره، السمين في "الدر" 5/ 166، وقال: (وهذه الأقوال التي ذكرتها جميعًا لا ينبغي أن يتلفت إليها؛ لأنها طعن في المتواتر، وإن كانت صادرة عن أئمة أكابر، وأيضًا فقد انتصر لها من يقابلهم، وأورد من "لسان العرب" نظمه ونثره ما يشهد لصحة هذه القراءة لغة). اهـ. ثم ذكر عدة أقوال وشواهد عن كبار الأئمة في جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه إذا كان الفاصل معمولًا للمضاف المصدر. وهذا هو الحق؛ لأنها قراءة متواترة، والقراءة سنة متبعة تؤخذ بالنقل والسماع لا بالاجتهاد، فينبغي تصحيح قواعد العربية بالقراءة ولا يلتفت إلى الاعتراض عليها.
(¬2) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 126، والرازي 13/ 206، والخازن 2/ 188.
(¬3) الرَّدَى، بالفتح: الهلاك. انظر: "الجمهرة" 2/ 1057، و"تهذيب اللغة" 2/ 1387، و"الصحاح" 6/ 2355، "المجمل" 2/ 428، و"المفردات" ص 351، و"اللسان" 3/ 1631 (ردى).

الصفحة 461