كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وقوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا} قال أبو العباس (¬1) عن ابن الآعرابي: (السَّرَف تجاوز ما حُدّ لك) (¬2).
وقال شَمِر: (سَرَف الماء ما ذهب منه في غير سقى ولا نفع قال: أرْوَت البئر النخيل وذهب بقيّة الماء سَرَفًا) (¬3)، فإن أخذت الإسراف مما قاله ابن الأعرابي فهو: مجاوزة الحد، وإن أخذت من قول شمر فهو: الإنفاق فيما لا يجدي عليك (¬4).
¬__________
= إذ أصل الزكاة شرع في أول الإسلام بدون تحديد، وفي المدينة المنورة حددت بمقاديرها المفروضة. قال ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/ 761: (قد قال مالك: إن المراد به: الزكاة المفروضة، وتحقيقه في نكتة بديعة، وهي أن القول في أنها مكية أو مدنية يطول، فهبكم أنها مكية إن الله أوجب الزكاة بها إيجابًا مجملاً، فتعين فرض اعتقادها ووقف العمل بها على بيان الجنس والقدر والوقت، فلم تكن بمكة حتى تمهد الإِسلام بالمدينة فوقع البيان، فتعين الامتثال، وهذا لا يفقهه إلا العلماء بالأصول) ا. هـ وقد نقل الزجاج في "معانيه" 2/ 297 عن قوم إنها مدنية، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 2/ 206: (اختار ابن جريج النسخ، وفي تسمية هذا نسخًا نظر؛ لأنه قد كان شيئًا واجبًا في الأصل ثم إنه فصل بيانه وبُين مقدار المخرج وكميته، قالوا: وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة، فالله أعلم) ا. هـ، وانظر: "معاني الفراء" 1/ 359، و"معاني النحاس" 2/ 500، و"البحر المحيط" 4/ 237.
(¬1) أبو العباس: هو ثعلب أحمد بن يحيى، إمام تقدمت ترجمته.
(¬2) "تهذيب اللغة" 2/ 1675 - 1676.
(¬3) الإسراف -في اللغة-: ضد القصد والإغفال والجهل والخطأ. وأصله مجاوزة الحد في كل فعل، وهو في الإنفاق أشهر، والإسراف في النفقة التبذير، وأما السرف الذي نهى الله تعالى عنه فهو: ما أنفق في غير طاعة الله قليلاً كان أو كثيراً.
انظر: "العين" 7/ 244، و"الجمهرة" 2/ 716، و"الصحاح" 4/ 1373، و"مجمل اللغة" 2/ 493، و"المفردات" ص 407، و"اللسان" 4/ 1996 (سرف).
(¬4) انظر: "تفسير الماوردي" 2/ 178 - 179، وابن الجوزي 3/ 136.

الصفحة 480