كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وقد فُسر الإسراف بالوجهين (¬1) في هذه الآية.
وقال ابن عباس: كان رجال يتبرعون عند الصرام، فيقول الرجل: لا أمنع سائلا حتى أمسي، فعمد ثابت بن قيس بن شماس إلى خمسمائة نخلة فجدها ثم قسمها في يومٍ واحدٍ، ولم يدخل منها إلى منزله شيئًا، فأنزل الله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا} أي: لا تعطوا كله (¬2).
وهذا قول السدي (¬3) ويمانٍ والفراء (¬4)، وحكاه الزجاج أيضًا وقال (¬5): (فيكون على هذا التأويل، أن الإنسان إذا أعطى كل ماله، ولم يوصل إلى عياله شيئًا فقد أسرف؛ لأنه جاء في الخبر (ابدأ بمن تعول) (¬6))، فهذا مجاوزة حد الإعطاء.
¬__________
(¬1) ذكره أكثرهم. انظر: السمرقندي 1/ 519، و"الوسيط" 1/ 129، والبغوي 3/ 195، وابن الجوزي 3/ 136، والقرطبي 7/ 110، والخازن 2/ 191، و"تنوير المقباس" 2/ 68، وأخرجه الطبري 8/ 61 بسند جيد عن ابن جريج، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 93، وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 145، وابن أبي حاتم 5/ 1399 بسند جيد، عن ابن جريج قال: (جَدَّ معاذ بن جبل -رضي الله عنه- نخله، فلم يزل يتصدق حتى لم يبق منها شيء، فنزلت الآية) ا. هـ، وهذا مرسل، والأول أشهر، لكنه ضعيف؛ لأن أكثرهم قد صرح أنه من رواية الكلبي.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 61، وابن أبي حاتم 5/ 1399 بسند جيد، عن السدي قال: (لا تعطوا أموالكم فتغدوا فقراء).
(¬3) ذكره الثعلبي ص 185 بلفظ: (لا تبذروا تبذيرًا) ا. هـ.
(¬4) "معاني الفراء" 1/ 359.
(¬5) "معاني الزجاج" 2/ 297.
(¬6) حديث متفق عليه. أخرجه البخاري في "صحيحه" (1427)، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ومسلم (1034)، كتاب الزكاة، حديث 1034 - 1036، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفضل الصدقة أو خير =

الصفحة 481