كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وقال سعيد بن المسيب: (معناه: لا تمنعوا الصدقة) (¬1)، وهذا يتوجه على أن تأويله: لا تتجاوزوا الحد في البخل والإمساك حتى تمنعوا الواجب من الصدقة، وهذا ضد القول الأول، ولكنهما راجعان إلى معنى مجاوزة الحد، فالأول: مجاوزة في الإعطاء. والثاني: مجاوزة في البخل.
وقال مقاتل (¬2) وعطية: (معناه: لا تشركوا الأصنام في الحرث والأنعام) (¬3)، وهذا أيضًا من باب المجاوزة؛ لأن من أشرك الأصنام في الحرث والأنعام فقد جاوز ما حُدّ له. وروى عطاء، عن ابن عباس في قوله: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (لا تجعلوا لله شريكًا، إنه لا يحب من جعل له شريكًا) (¬4)، وهذا أيضًا من مجاوزة الحد.
وقال إياس بن معاوية (¬5): (ما جاوزت به أمر الله فهو سرف
¬__________
= الصدقة عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول" ا. هـ لفظ مسلم، وأخرج البخاري أيضًا عن أبي هريرة، ومسلم عن أبي أمامة، نحوه.
(¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 145، والطبري في "تفسيره" 8/ 61، وابن أبي حاتم 5/ 1399 بسند ضعيف.
(¬2) "تفسيرمقاتل" 1/ 593.
(¬3) ذكره الثعلبي في "الكشف" 185 أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 136، عن عطية العوفي.
(¬4) "تنوير المقباس" 2/ 68، وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1399، بسند جيد عن عطاء، عن ابن عباس في قوله {وَلَا تُسْرِفُوا} قال: (في الطعام والشراب) اهـ, وأخرج أيضًا بسند جيد عن طاووس، عن ابن عباس في الآية قال: (أحل الله الأكل والشراب ما لم يكن سرفًا أو مخيلة) ا. هـ واختار هذا القول ابن كثير في "تفسيره" 2/ 204.
(¬5) إياس بن معاوية بن قُرة بن إياس المزني، أبو واثلة، قاضي المغيرة، تابعي، ثقة, فقيه، يضرب به المثل في الذكاء والدهاء، والعقل والفطنة، والفصاحة، توفي =

الصفحة 482