كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

مضت أنهم كانوا يحرمون أجناسًا من النعم بعضها على الرجال والنساء، وبعضها على النساء دون الرجال، فاحتج الله عليهم في هذه الآية والتي بعدها، فقال: يُقايسهم في تحريم ما حرموا: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ} من الضأن والمعز حرم الله عليكم {أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ}؟ فإن كان حرّم من النعم ذكورها فكل ذكورها حرام، وإن كان حرّم الأثنيين فكل الإناث حرام (¬1).
وقال الفراء: (يقول: أجاءكم التحريم فيما حرمتم من الذكرين أم من الأنثيين؟ فلو قالوا: من قبل الذكر حرم كل ذكر، ولو قالوا: من قبل الأنثى (¬2)، حرمت كل أنثى) (¬3).
وقوله تعالى: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ}، ما في موضع نصب، نصبته باتباعه (¬4) الذكرين والأنثيين يقول: وإن كان ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين من المعز والضأن فقد حرم الأولاد، وكلها أولاد، فكلها حرام، قاله الزجاج (¬5).
¬__________
(¬1) ذكره عن المفسرين: الثعلبي في "الكشف" 185 ب، والبغوي في "تفسيره" 3/ 197، والرازي 13/ 217، وأخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 68، من عدة طرق جيدة، عن ابن عباس، ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد نحوه، وهو قول الزجاج في "معانيه" 2/ 299، والنحاس في "معانيه" 2/ 505، والنص أصله لابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ص340 - 341.
(¬2) في (أ): (أنثى).
(¬3) "معاني الفراء" 1/ 360.
(¬4) هذه عبارة الفراء في "معانيه" 1/ 360, وأم عاطفة، وما موصولة في محل نصب معطوف علي الأنثيين. انظر: "الدر المصون" 5/ 195.
(¬5) "معاني الزجاج" 2/ 299.

الصفحة 493