فأما معنى {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} فقال الزجاج: (هاتوا شهداءكم [وقربوا شهداءكم]) (¬1) (¬2)، وهذه الكلمة تستعمل تارة بمعنى دعاء المخاطب كقولك: هلم إليّ، أي: ادن مني وتعال، وتارة تستعمل بمعنى التعدية كقولك: هلم الطعام والشراب، وبالمعنيين ورد القرآن قال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18]. وقال في هذه الآية: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}، فإذا كان بمعنى التعدية فاشتقاقه من اللم الذي هو الجمع، وإذا (¬3) كان بمعنى دعاء المخاطب فاشتقاقه من اللمم بمعنى: الدنو (¬4).
151 - قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} قال الزجاج (¬5) وابن الأنباري (¬6): (موضع (ما) نصب بـ (أتْل)، أي: اتل الذي حرمه ربكم).
قال أبو إسحاق: (ويكون {أَلَّا تُشْرِكُوا} منصوبة بمعنى طرح اللام، أي: أبيّن لكم الحرام لئلا تشركوا به شيئًا؛ لأنهم إذا حرموا ما أحل الله عز وجل فقد جعلوا غير الله في القبول منه بمنزلة الله جل وعز فصاروا بذلك مشركين.
¬__________
(¬1) لفظ: (وقربوا شهداءكم) ساقط من (ش).
(¬2) "معاني الزجاج" 2/ 303.
(¬3) في (ش): (فإذا).
(¬4) انظر: "الصحاح" 5/ 2060، و"المجمل" 4/ 907، و"المفردات" ص 844, و"اللسان" 8/ 4694 (هلم)، وقال السمين في "الدر" 5/ 213: (هلم تكون متعدية بمعنى أَحْضر، ولازمة بمعنى أقبل، فمن جعلها متعدية أخذها من اللمِّ وهو الجمع, ومن جعلها قاصرة أخذها من اللمَمِ وهو الدنو والقرب) اهـ.
(¬5) "معاني الزجاج" 2/ 303.
(¬6) لم أقف عليه.