كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

قال: ويجوز أن يكون {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ} (¬1) محمولًا على المعنى، فيكون أتلو عليكم ألا تشركوا [والمعنى: أتلو عليكم تحريم الشرك، قال: وجائز أن يكون على معنى أوصيكم ألاّ تشركوا (¬2)] به شيئًا؛ لأن قوله: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} محمول على معنى: أوصيكم بالوالدين إحسانًا) (¬3).
قال أبو بكر: (وقال آخرون: موضع أن نصب بعلى على (¬4) معنى الإغراء، والكلام انقطع عند قوله: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ} والابتداء {عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} كما قال تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] قال: ويجوز أن يكون أن في موضع رفع بعلى، كما تقول: عليكم الصيام والحج) (¬5).
وأما موضع (تشركوا) فذكر الفراء فيه قولين: (أحدهما: وهو الظاهر أنه نصب بأن، ويجوز أن يكون في موضع جزم بلا على النهي كقولك: أمرتك ألا تذهبَ إلى زيد بالنصب وأن لا تذهبْ بالجزم، كما قال الله تعالى {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ} [الأنعام: 14] فنصب أوله، ونهى في آخره. قال: والجزم في هذه الآية أحب إليّ لقوله: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} [الأنعام: 152] وأمّا ما نسقته على {أَلَّا تُشْرِكُوا}
¬__________
(¬1) في (ش): {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.
(¬2) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).
(¬3) "معاني الزجاج" 2/ 304.
(¬4) في (ش): (نصب بمعنى على معنى)، وهو تحريف.
(¬5) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 138، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 147، والسمين في "الدر" 5/ 216 - 217، واستبعد أبو حيان في "البحر" 4/ 250، والسمين في "الدر" 5/ 217، النصب على الإغراء قال السمين: (هذا ضعيف لتفكك التركيب عن ظاهره، ولأنه لا يتبادر إلى الذهن) اهـ.

الصفحة 523