وقوله تعالى: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: قد علمت ما أحل لك، وحرم عليك، فكما تحب أن يوفيك من تشتري منه، فأوف من تبيع منه) (¬1)، قال أصحاب المعاني: (أمر الله تعالى المعطي بإيفاء ذي الحق حقه الذي هو له من غير زيادة، وأمر صاحب الحق بأخذ حقه من غير نقصان، فلم يكلف نفسًا إلا ما يسعها ولا يضيق (¬2) عنها، فلو كلف المعطي الزيادة لضاقت نفسه عنها، وكذلك لو كلف الآخد الرضى بالنقصان) (¬3).
وقوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}، قال ابن عباس: (يريد: إذا شهدتم أو تكلمتم فقولوا الحق) (¬4)، {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (يريد: (¬5) ولدك وقرابتك أو من تحب فقل الحق واشهد به)، وهذا محذوف الاسم (¬6)، قال الزجاج: (ولو كان المشهود له وعليه ذا قربى) (¬7)، ومثله في المائدة: {لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [المائدة: 106].
¬__________
(¬1) لم أقف عليه. وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1420، بسند جيد عن ابن عباس في الآية قال: (هم المؤمنون وسع الله عليهم أمر دينهم فقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]) اهـ.
(¬2) في (أ): (تضيق) بالتاء.
(¬3) هذا قول الطبري في "تفسيره" 8/ 86، وذكره الثعلبي في الكشف ص 186/ أ، عن أهل المعاني وهذا يدل على أن الطبري من أهل المعاني عند الثعلبي والواحدي حيث لم أجد هذا المعنى عند أحد من أهل المعاني فيما لدي من مراجع.
(¬4) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 141.
(¬5) كأنه من قول ابن عباس حسب السياق، وفي "تنوير المقباس" 2/ 74 نحوه.
(¬6) أي اسم كان مستتر تقديره: هو، أي: المقول فيه. انظر: "الدر المصون" 5/ 222.
(¬7) "معاني الزجاج" 2/ 205، وفيه: (أي: إذا شهدتم أو حكمتم فاعدلوا , ولو كان المشهود عليه أو له ذا قربى) ا. هـ.