وقوله تعالى: {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا}، ذكرنا معنى الوفاء بالعهد عند قوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: 40].
وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، أي: ذلك الذي تقدم من ذكر مال اليتيم، وأن لا يقرب إلا بالتي هي أحسن، وإيفاء الكيل والوزن، واجتناب البخس، والتطفيف فيهما، وتحري الحق على مقدار الطاقة والاجتهاد، وهو معنى قوله: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} والقول بالقسط والحق ولو كان المقول فيه ذا قربى، والوفاء بالعهد لينجز (¬1) ما وعد عليه من قوله: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 10] هذا كله مما وصى به ليتذكروه (¬2)، ويأخذوا به فلا يطرحوه (¬3)، وتذكر مطاوع ذكر (¬4) تقول: ذكرته فتذكر، كما أن تفاعل مطاوع فاعل، والتذكر يستعمل في أشياء متكررة تتذكر وقتًا بعد وقت، وحالًا بعد حال، كالذي في هذه الآية فإنه أمر بأخذ بعد أخذ، ووقت (¬5) بعد وقت. و (تذكرون) إنما هو تتذكرون (¬6) مخفف بالإدغام لاجتماع (¬7) المتقاربة.
¬__________
(¬1) في (أ): (لتنجز) بالتاء.
(¬2) في (أ): (لتتذكروه وتأخذوا به).
(¬3) في (ش): (فلا يطرحوا)، وفي (أ): (فلا تطرحوه). وما ذكره هو نص كلام أبي علي في "الحجة" 3/ 428.
(¬4) في (ش): (ذَكّره).
(¬5) في النسخ (ووقتًا) وأصل النص من "الحجة" 3/ 427 - 428، وأشار المحقق في الهامش إلى ورود (ووقتًا). في بعض النسخ.
(¬6) في (ش): (يذكرون إنما هو يتذكرون)، بالتاء.
(¬7) يعني اجتماع المتقارب وهو التاء والذال.