كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

154 - قوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} الآية. قال أبو بكر (¬1). (الذي بعد (ثم) مقدم على الذي قبلها في النّية، والتقدير: ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن التوراة أنزلت قبل القرآن.
قال: وجواب آخر وهو: أن (ثم) أوجبت تأخير الخبر بعد الخبر الأول، أي: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151]، إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] ثم قال بعد ذلك: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} يريد: ثم أخبركم بعد ما أخبرتكم به عن نزول القرآن على محمد (بنزول التوراة على موسى، فدخلت (ثم) لتأخير الخبر لا لتأخير النزول) (¬2). وهذا قول أبي إسحاق، وأنكر القول الأول فقال: ((ثم) لا يكون الذي بعدها معناه التقديم، وإنما دخلت ثم للعطف على معنى التلاوة، والمعنى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} وأتلو عليكم لا تقتلوا أولادكم، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله، ثم أتلو عليكم ما آتاه الله جل وعز موسى) (¬3).
¬__________
= الكتاب، وهن إمام في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ولا يجوز أن يرد عليها النسخ) اهـ.
(¬1) أبو بكر بن الأنباري محمد بن القاسم. تقدمت ترجمته.
(¬2) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 143، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 152.
(¬3) انظر: "معاني الزجاج" 2/ 305 - 306، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 89، 90, و"معاني النحاس" 2/ 520، وذكر أبو حيان عدة أقوال في توجيه الآية ثم قال: (وهذه الأقوال كلها متكلفة، والذي ينبغي أن يذهب إليه أنها للعطف كالواو من غير اعتبار مهلة، وقد ذهب إلى ذلك بعض النحاة) ا. هـ وانظر: معاني الحروف للرماني ص 105، و"غرائب الكرماني" 1/ 392، و"المغني" لابن هشام 1/ 117 - 118.

الصفحة 538