كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

وقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} قال ابن عباس: (يتنزل أمر ربك فيهم) (¬1) وهذا يحمل على الأمر بقتلهم، واستقصاء هذا مذكور في سورة البقرة (¬2). وقال أبو إسحاق: (معنى {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} أو يأتي إهلاك ربك إياهم، وانتقامه منهم، إما بعذاب عاجل، أو بالقيامة) (¬3).
وقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}. قال المفسرون عامة: (يعني: طلوع الشمس من مغربها) (¬4)، وهذا إنما ينتظره من تأخر في الوجود
¬__________
(¬1) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 145، والقرطبي في "تفسيره" 7/ 144، وأبو حيان في "البحر" 4/ 258.
(¬2) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 1/ 126 ب.
(¬3) "معاني الزجاج" 2/ 307، وانظر "معاني النحاس" 2/ 522، وتفسير السمرقندي 1/ 525 - 526 والأرجح أن ذلك يوم القيامة للفصل بين العباد، وأن الله سبحانه وتعالى يأتي للفصل على وجه يليق بجلاله وعظمته، وهو قول الطبري في "تفسيره" 8/ 96، وأخرجه من طرق جيدة عن مجاهد وقتادة وابن جريج، واختاره البغوي في "تفسيره" 3/ 207، وابن كثير 2/ 216، والشنقيطي 2/ 283 - 284، وانظر: "تفسير القرطبي" 7/ 145، و"فتاوى شيخ الإسلام" 6/ 398 - 424.
(¬4) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 96، 97 من عدة طرق جيدة عن عبد الله بن مسعود، ومجاهد وقتادة والسدي، ورجحه الطبري في "تفسيره"، وابن الجوزي 3/ 157، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 108 وأخرج البخاري في صحيحه رقم (4635)، في كتاب "التفسير"، الأنعام، ومسلم رقم (157)، كتاب الإيمان, باب بيان الزمن الذي لا يقبل في الإيمان -حديث- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت آمن الناس أجمعون، وذلك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} "، ثم قرأ الآية. اهـ.
وأخرج مسلم أيضًا - حديث رقم (158) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (ثلاث إذا خرجن {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض) ا. هـ. وقال ابن =

الصفحة 547