كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

{لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} قال الكلبي: (لست من قتالهم [في شيء]) (¬1)، وقال السدي: (يقول: لم تؤمر بقتالهم، فلما أمر بقتالهم نسخ هذا) (¬2)، كذلك قال ابن عباس (¬3) ومجاهد (¬4) والكلبي والسدي: إن قوله: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} منسوخ، نسخه السيف في سورة براءة (¬5).
قال ابن الأنباري: (معنى (¬6) {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (¬7) أنت منهم بريء، وهم منك برآء (¬8) لم تلتبس بشيء من مذاهبهم، والعرب تقول: إن كلمت فلانًا فلست منك ولست مني، يريدون: كل واحد منا برئ من صحبه. قال النابغة:
إِذَا حَاوَلْتَ في أسَدٍ فُجُورًا ... فَإنّي لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنّي (¬9)
¬__________
(¬1) "تنوير المقباس" 2/ 77.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 106، وابن أبي حاتم 5/ 1431 بسند جيد.
(¬3) أخرجه النحاس في "ناسخه" 2/ 356 بسند ضعيف.
(¬4) لم أقف عليه، وهو قول الفراء في "معانيه" 1/ 366، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 527.
(¬5) آية السيف في أصح الأقوال هي قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 5] انظر: النسخ في القرآن الكريم للدكتور/ مصطفى زيد 2/ 504.
(¬6) في (أ): (يعني).
(¬7) لفظ: (في شيء) ساقط من (ش).
(¬8) في (ش): (وهم منك براء، وتأويلهم لم تلتبس بشيء من مذاهبهم).
(¬9) ديوان النابغة الذبياني ص 127، و"الكتاب" 4/ 186، و"تفسير الماوردي" 2/ 193، والقرطبي 7/ 150، و"البحر المحيط" 4/ 260، و"الدر المصون" 5/ 236 - 237، والفجور بالضم: الريبة والكذب، والشاعر يريد نقض الحلف، انظر: "اللسان" 7/ 3352 (فجر).

الصفحة 554