كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 8)

قال المفسرون: (الظلمة أقدم من النور، وهي مخلوقة قبل، فلذلك قدمت في الذكر، وكذلك السموات خلقت قبل الأرض) (¬1).
وقوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} يعني: عبدة الأوثان في قول عامة المفسرين (¬2). قال ابن عباس: (يريد: عدلوا بي من خلقي الحجارة والأصنام بعد أن أقروا بربوبيتي وبنعمتي) (¬3)، وقال الزجاج: (أعلم الله تعالى أنه خالق ما ذكر في هذه الآية، وأن خالقها لا شيء مثله، وأعلم أن الكفار يجعلون له عديلاً، فيعبدون الحجارة [الموات (¬4)]، وهم مقرون بأن الله خالق ما وصف (¬5)، وقوله: {يَعْدِلُونَ}، العدل: التسوية؛ يقال: عدل الشيء بالشيء إذا سواه (¬6). ومعنى {يَعْدِلُونَ}: يشركون به
¬__________
(¬1) هذا قول قتادة أخرجه الطبري 7/ 143، وابن أبي حاتم 4/ 1259، بسند جيد، وقال السمين في "الدر" 4/ 524: (قدمت الظلمات لأنه موافق في الوجود؛ إذ الظلمة قبل النور عند الجمهور) ا. هـ. والراجح عند الجمهور أن خلق الأرض قبل خلق السماء. قال ابن كثير في تفسيره 1/ 73: (هذا ما لا أعلم فيه نزاعًا بين العلماء إلا ما نقله الطبري عن قتادة وتوقف في ذلك القرطبي) ا. هـ ملخصًا. وانظر "تاريخ الطبري" 1/ 32 - 36، وتفسيره 1/ 192 - 194، و"الكشاف" 1/ 271، و"زاد المسير" 1/ 57، و"تفسير القرطبي" 1/ 255، و"دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" للشنقيطي ص 14 - 16.
(¬2) انظر الطبري في "تفسيره" 7/ 144، والسمرقندي 1/ 473، وابن كثير 2/ 139، والظاهر أنها عامة في سائر أصناف الكفار، وهو اختيار الطبري في "تفسيره"، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 122.
(¬3) في تنوير المقباس 2/ 3، قال: (يعدلون به الأصنام).
(¬4) لفظ: (الموت) ساقط من (أ)، وفي (ش): (والموات).
(¬5) معاني الزجاج 2/ 227.
(¬6) انظر: "العين" 2/ 38، و"الجمهرة" 663، و"الصحاح" 5/ 1761، و"المجمل" 3/ 651، و"مقاييس اللغة" 4/ 246، و"المفردات" ص 551، و"اللسان" 5/ 2840 (عدل).

الصفحة 9