كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

وقوله تعالى: {لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً}. قال الزجاج: (ولا أقل من ساعة، ولكن ذكرت الساعة لأنها أقل أسماء الأوقات) (¬1).
وقوله تعالى: {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}، إن قيل: ما معنى هذا مع استحالة التقدم على الأجل وقت حضوره، وكيف يحسن قوله: {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} بعد فناء الأجل؟؛ قيل: هذا على المقاربة؛ لأن العرب تقول: جاء الشتاء إذا قارب وقته. وجاء الصيف، ومع مقاربة (¬2) الأجل تصور الاستقدام، وإن كان لا يتصور مع الانقضاء، والمعنى: {لَا يَسْتَأْخِرُونَ} عن (¬3) آجالهم إذا انقضت، {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} عليها إذا قاربت الانقضاء، ولفظ قوله: {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} محتمل للمعنيين (¬4).

35 - قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} إلى آخر الآية
¬__________
= بدون نسبة. والقول الأول أظهر. وهو قول الجمهور، والثاني داخل فيه ومعلوم أن لكل إنسان أجلاً لا يتعداه.
انظر: "تفسير الطبري" 8/ 167، والسمرقندي 1/ 538، والماوردي 2/ 220، وابن عطية 5/ 490، 491.
(¬1) "معاني القرآن" 2/ 334، ومثله ذكر النحاس في "معانيه" 3/ 30.
(¬2) لفظ: (مع مقاربة) عليه طمس في (أ).
(¬3) في (ب): (مع).
(¬4) ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 68، ونقله عن الواحدي السمين في "الدر" 5/ 308، وقال: (هذا بناء منه على أنه معطوف على {لَا يَسْتَأْخِرُونَ} وهو ظاهر أقوال المفسرين، وهذا لا يجوز؛ لأن (إذا) إنما يترتب عليها وعلى ما بعدها الأمور المستقبلية لا الماضية، والاستقدام بالنسبة إلى مجيء الأجل متقدم عليه، فكيف يترتب عليه؟ ويصير هذا من باب الإخبار بالضروريات التي لا يجهل أحد معناها، وهو مستأنف معناه الإخبار بأنهم لا يسبقون أجلهم المضروب لهم، بل لا بد من استيفائهم إياه، كما أنهم لا يتأخرون عنه أقل زمان) اهـ. ملخصًا. وانظر: "البحر المحيط" 4/ 293.

الصفحة 111