كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)
مفسر ومشروح في سورة البقرة، وهو قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} الآية [البقرة: 38]، قال عطاء عن ابن عباس في قوله: {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}: (يريد: فرائضي وأحكامي، {فَمَنِ اتَّقَى} يريد: اتقاني وخافني، {وَأَصْلَحَ} يريد: ما بيني وبينه، {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} يريد: يوم الفزع الأكبر (¬1)، واختلف أهل المعاني في أن المؤمنين هل يلحقهم خوف وحزن عند أهوال القيامة، فبعضهم ذهب إلى: أنه لا يلحقهم ذلك لعموم نفيه في هذه الآية، وذهب بعضهم إلى أنه يلحقهم لقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} الآية [الحج: 2].
وأما قوله: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}، معناه: أن أمرهم يؤول إلى الأمن والسرور كقول الطبيب للمريض: لا بأس عليه، أي: أن أمره يؤول إلى العافية والسلامة، وإن كان في الوقت في بأس (¬2) من علته (¬3)، وجواب قوله: {إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} هو ما دل عليه الكلام؛ كأنه قيل: فأطيعوهم، هذا قول الأخفش (¬4).
وقال الزجاج: (جوابه في الفاء في قوله: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ} (¬5)،
¬__________
(¬1) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 177، والبغوي 3/ 227، وفي "تنوير المقباس" 2/ 91 - 92 نحوه، وجاء عند الواحدي والبغوي عنه في قوله: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} قال: (إذا خاف الناس، {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} إذا حزنوا) اهـ.
(¬2) في (ب): (فلا بأس عليه)، وهو تحريف.
(¬3) انظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 539، والرازي 14/ 69، والقرطبي 7/ 202.
(¬4) "معاني القرآن" 2/ 279.
(¬5) "معاني القرآن" 2/ 334، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 168، و"إعراب النحاس" 1/ 610، و"الكشاف" 2/ 77، و"تفسير ابن عطية" 5/ 493، و"الدر المصون" 5/ 309.
الصفحة 112
576