كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

والسدي بيَّن ذلك العذاب ما هو فقال: (سواد الوجوه وزرقة العيون) (¬1) , فعلى هذا معنى قوله: {يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} ما قضى الله عليهم في الكتاب من سواد الوجوه، وزرقة العيون (¬2)، ويؤكد هذا التأويل قوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60].
وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطية (¬3) قال: (ينالهم ما كتب عليهم، [وقد كتب] (¬4) لمن (¬5) افترى على الله وجهه مسود) (¬6) واحتج بالآية، واختار الفراء هذا فقال: (ينالهم ما قضى الله عليهم في الكتاب من سواد الوجوه وزرقة الأعين) (¬7).
وقال الزجاج: (معنى: {نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} ما أخبر الله -عز وجل- من جزائهم؛ نحو قوله: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]، وقوله: {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} (¬8) [الجن: 17]، وقوله: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} الآية [غافر: 71]، فهذا نصيبهم من الكتاب على قدر ذنوبهم في كفرهم) (¬9).
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) في (أ): (سواد الوجه وزرقة العين).
(¬3) في (ب): (عطاء)، وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 170 بسند ضعيف عن عطية العوفي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(¬4) لفظ: (وقد كتب) ساقط من (ب).
(¬5) في (ب): (بأن يفترى).
(¬6) في (ب): (مسوده)، وعند الطبراني 12/ 413: (أنه وجهه مسود) وهو أولى.
(¬7) "معاني القرآن" 1/ 378، ونحوه ذكر مقاتل في "تفسيره" 2/ 35.
(¬8) في (ب): {نَسْلُكُهُ} بالنون وهي قراءة ابن عامر وابن كثير وأبي عمرو، ونافع وقرأ الباقون {يَسْلُكُهُ} بالياء. انظر: "السبعة" ص 656، و"المبسوط" ص 384، و"التذكرة" 2/ 737، و"النشر" 2/ 392.
(¬9) "معاني القرآن" 2/ 334 - 335.

الصفحة 114