كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)
وقال الربيع والقرظي وابن زيد (¬1): (يعني: ما كتب لهم من الأرزاق والأعمال والأعمار، فإذا فنيت وفرغوا منها {جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ}) (¬2)
قال بعض أهل المعاني (¬3): (وهذا القول هو وجه التأويل لذكر (حتى) على معنى الانتهاء، يعني: أنهم يستوفون أعمارهم وأرزاقهم إلى الموت)، فعلى هذا القول معنى (حتى) الانتهاء والغاية (¬4)، وعلى القولين الأولين ليست (حتى) في هذه الآية التي للغاية (¬5)، بل هي التي تدخل على الجمل وينصرف بعدها الكلام إلى الابتداء كـ (أما) (¬6) و (إذا) ولا تعلق لقوله {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا} بما قبله، بل هذا ابتداء خبر أُخبر عنهم كقوله:
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 171 من عدة طرق عن الربيع بن أنس، ومحمد بن كعب القرظي وابن زيد. وأخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1473، عن الربيع والقرظي. وانظر: "الدر المنثور" 3/ 153، 154.
(¬2) في (أ): (رسلهم).
(¬3) ومنهم الطبري في "تفسيره" 8/ 172، وقال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 237: (وهذا القول قوي في المعنى والسياق يدل عليه) اهـ.
(¬4) يعني أن مجيء الرسل للتوفي كالغاية لحصول ذلك النصيب فينبغي أن يكون حصول ذلك النصيب متقدمًا على حصول الوفاة والمتقدم على حصول الوفاة ليس إلا العمر والرزق، أفاد ذلك الرازي في "تفسيره" 14/ 71.
(¬5) نقل قول الواحدي السمين في "الدر" 5/ 310 ثم قال: (هذا غير مرضي منه لمخالفته الجمهور؛ إذ الغاية معنى لا يفارقها، وقوله: لا تعلق لها بما قبلها ممنوع على جميع الأقوال التي ذكرها. والظاهر أنها إنما تتعلق بقوله {يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ}) اهـ. ملخصًا.
(¬6) قال سيبويه في "الكتاب" 3/ 17 - 18: (حتى صارت هاهنا بمنزلة إذا، وما أشبهها من حروف الابتداء) اهـ، وانظر: "حروف المعاني" للزجاجي ص 64، و"معاني الحروف" للرمانى ص 119، ص164، و"المغني" لابن هشام 1/ 128.
الصفحة 116
576