كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

وقوله تعالى: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ}، يعني بالأخرى: آخر الأمم، وبالأولى: أول الأمم، وبيانه ما قاله السدي: ({أُخْرَاهُمْ} يعني: الذين كانوا في آخر الزمان، {لِأُولَاهُمْ} يعني: الذين شرعوا لهم ذلك الدين) (¬1). وقال مقاتل: ({أُخْرَاهُمْ} يعني: آخرهم دخولًا النار وهم الأتباع {لِأُولَاهُمْ} دخولًا وهم القادة) (¬2). وتأويل هذا راجع إلى معنى القول الأول؛ لأن (¬3) آخرهم دخولًا النار هم الأتباع، والأولى هم القادة، فالمعنى على القولين جميعًا: قالت الأتباع للقادة: {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} (¬4).
قال ابن عباس: (لأنهم شرعوا لنا أن نتخذ من دونك إلها، {فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ}، قال: يريد أضعف عليهم العذاب بأشد مما تعذبنا به) (¬5).
وأما معنى الضعف فقال أبو عبيدة: (هو مثل الشيء مرة واحدة) (¬6).
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 174، وابن أبي حاتم 5/ 1475 بسند جيد.
(¬2) "تفسير مقاتل" 2/ 36.
(¬3) في (ب): (إلا أن)، وهو تحريف.
(¬4) انظر: "تفسير الطبري" 8/ 173، و"معني الزجاج" 2/ 336، و"النحاس" 3/ 33، و"تفسير السمرقندي" 1/ 540، والماوردي 2/ 222.
(¬5) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 179، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 195.
(¬6) في "مجاز القرآن" 1/ 214: (أي: عذابين مضعف فصار شيئين)، وفي "تهذيب اللغة" 3/ 2118، عن أبي عبيدة قال: (معناه يجعل الواحد ثلاثة) اهـ. وضعف الشيء -بالكسر- مثله، ويقال مثلاه، وضعفاه مثلاه، وأضعافه أمثاله، وقال الخليل في "العين" 1/ 282: (التضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين أو أكثر) اهـ.
وانظر: "الجمهرة" 2/ 903، و"الصحاح" 4/ 1390، و"المجمل" 2/ 562، و"المفردات" ص 508، و"اللسان" 5/ 2588 (ضعف).

الصفحة 122