كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)
قال الأزهري: (الذي قاله أبو عبيدة هو ما يستعمله الناس في مجاز كلامهم. وقد قال الشافعي -رحمه الله- ما يقارب هذا في رجل أوصى فقال: (أعطوا فلانًا ضعف ما يصيب ولدي، قال: يعطي مثله مرتين) (¬1).
قال الأزهري: والوصايا يستعمل فيها العرف وما يسبق إلى الأفهام، فأما كتاب الله فهو عربي مبين، ويرد تفسيره إلى موضوع كلام العرب الذي هو صيغة ألسنتها، والضعف في كلام العرب المثل إلى ما زاد، وليس بمقصور على مثلين، وجائز في كلام العرب أن تقول: هذا ضعفه (¬2) أي: مثلاه وثلاثة أمثاله؛ لأن الضعف في الأصل زيادة غير محصورة، ألا ترى قول الله (¬3) عز وجل: {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} [سبأ: 37]، ولم يرد مثلًا ولا مثلين، وأولى الأشياء به أن يجعل عشرة أمثاله؛ لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، فأقل الضعف محصور وهو المثل، وأكثره غير محصور) (¬4).
ونحو هذا قال الزجاج في هذه الآية: {فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا} (أي: عذاباً مضاعفًا؛ لأن الضعف في كلام العرب على ضربين أحدهما: المثل، والآخر: أن يكون في معنى تضعيف الشيء (¬5)، أي: زيادته (¬6) إلى ما لا يتناهى).
¬__________
(¬1) انظر: "المجموع" 15/ 480 - 482، و"روضة الطالبين" 5/ 195 وفيهما: (الضعف عند الشافعية هو الشيء ومثله، فإذا أوصى بضعف نصيب ابنه وله ابن واحد، فهي وصية بالثلثين) اهـ. وانظر: "تفسير الرازي" 14/ 74.
(¬2) في "تهذيب اللغة" 3/ 2118 (ضعفاه).
(¬3) في (ب): (قول الله تعالى).
(¬4) انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2118.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 2/ 377، وقوله: (أي زيادته ..) غير موجود فيه.
(¬6) في (ب): (أي زيادة).
الصفحة 123
576