كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

فأما اللام في قوله: {لِأُولَاهُمْ}، فقال الزجاج: المعنى: (قالت أخراهم: يا ربنا هؤلاء أضلونا، لأولاهم أي تعني أولاهم) (¬1) فعلى هذا ليست اللام من صلة القول؛ لأنهم قالوا لله تعالى: {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا}، ولم يقولوا لأولاهم شيئًا , ولكن اللام لإبانة (¬2) أنهم عنوا بقولهم: {هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} أولاهم وهم القادة، فاللام هاهنا لام (أجل) أي لأجلهم ولإضلالهم إياهم قالوا: {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا}، فقال الله تعالى: {لِكُلٍّ ضِعْفٌ}، قال ابن عباس: (يريد: لأولاكم ضعف ولأخراكم عذاب مضعف) (¬3).
قال الزجاج: (أي: للتابع والمتبوع لأنهم قد دخلوا في الكفر جميعًا أي: لكل عذاب مضاعف.
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ}، أي: ولكن لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب، ويجوز: ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا ما مقدار ذلك) (¬4).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" 2/ 336، وعليه اللام للتعليل أي لأجل ولا تكون للتبليغ؛ لأن خطابهم مع الله لا معهم. انظر: "الكشاف" 2/ 78، و"الدر المصون" 5/ 315.
(¬2) في (أ): (ولكن اللام بإنه أنهم عنوا).
(¬3) في (أ): عذاب ضعف. والأئر لم أقف عليه، وفي "تنوير المقباس" 2/ 94، قال: (لكل واحد منهم ضعف) أهـ.
وقال الماوردي في "تفسيره" 2/ 222: (أي: فلكم أيها الأتباع ضعف العذاب وهذا قول الجمهور وإن ضعف الشيء زيادة مثله) اهـ. وانظر: "بدائع التفسير" 2/ 211.
(¬4) هذا كله قول الزجاج "معانيه" 2/ 377، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 174، و"معاني النحاس" 2/ 33، و"تفسير السمرقندي" 1/ 540.

الصفحة 124