كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)
قال ابن عباس في معنى الآية: (فما كان تضرعهم {إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} فأقروا على أنفسهم بالشرك) (¬1).
قال ابن الأنباري: (يريد: فما كان قولهم {إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا} إلا الاعتراف بالظلم والإقرار بالإساءة) (¬2)
وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ قَالُوا}. الاختيار عند النحويين أن يكون موضع {أَنْ} رفعا بكان ويكون الدعوى نصبا (¬3) كقوله: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} [النمل: 56]، وقوله {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ} [الحشر: 17].
وقوله تعالى: {مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} (¬4) [الجاثية: 25]. ويجوز أن يكون على الضد (¬5) من هذا بأن يكون الدعوى رفعًا و {أَنْ قَالُوا} نصبًا كقوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [البقرة: 177] على قراءة (¬6) من رفع {الْبِرَّ}
¬__________
(¬1) ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 21، وأبو حيان في "البحر" 4/ 269، وانظر "تنوير المقباس" 2/ 81، وفيه: (دعواهم - قولهم).
(¬2) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 157، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 168، والرازي 14/ 21.
(¬3) فدعواهم: خبر مقدم و {إِلَّا أَنْ قَالُوا} اسم كان مؤخر. وهو اختيار الفراء في "معانيه" 1/ 372، والزجاج 2/ 319، والنحاس في "إعراب القرآن" 1/ 600، والزمخشري في "الكشاف" 2/ 67، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 424، قال الهمداني في "الفريد" 2/ 270: (وهذا أحسن حملًا على ما ورد من نظائره في التنزيل) اهـ.
(¬4) في النسخ: (ومكان) بالواو وهو تحريف.
(¬5) هذا قول مكي في "المشكل" 1/ 282، والعكبري في "التبيان" ص 369، واختاره أبو حيان في "البحر" 4/ 269.
(¬6) قرأ حمزة وعاصم في رواية: {لَيْسَ الْبِرَّ} -بفتح الراء-، وقرآ الباقون {البرُ} =
الصفحة 20
576