كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

حسناته على سيئاته، فذلك قوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الناجون، قال: وهذا كما قال في سورة الأنبياء: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}) (¬1) [الأنبياء: 47].
وقال مقاتل: ({وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} وزن الأعمال يومئذ العدل {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} من المؤمنين وزن ذرة على سيئاته {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}) (¬2). فأما كيفية وزن الأعمال فله وجهان:
أحدهما: أن أعمال المؤمن تتصور في صورة حسنة، وأعمال الكافر تتصور في صورة قبيحة فتوزن تلك الصورة كما ذكره ابن عباس.
والثاني: أن الوزن يعود إلى الصحف التي فيها أعمال العباد مكتوبة، وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوزن (¬3) يوم القيامة، فقال: "الصحف" (¬4).
هذا الذي ذكرنا مذهب عامة المفسرين (¬5) وأهل العلم في هذه الآية، وكان مجاهد والضحاك والأعمش (¬6) يفسرون الوزن والميزان: (العدل
¬__________
(¬1) ذكره السمرقندي في "تفسيره" 1/ 531 والثعلبي 187 ب، والواحدي في "الوسيط" 1/ 158، والبغوي في "تفسيره" 3/ 315، وابن الجوزي 3/ 171، والرازي 14/ 24، والقرطبي 7/ 166، وغيرهم، وذكره السيوطي في "الدر" 8/ 129، 130، وقال: (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وأخرجه أبو الشيخ عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس) اهـ.
(¬2) "تفسير مقاتل" 2/ 30.
(¬3) في (ب): (ما يوزن).
(¬4) لم أقف عيه.
(¬5) قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 2/ 226: (يمكن الجمع بين الآثار الواردة في ذلك بأن يكون ذلك كله صحيح فتارة توزن الأعمال وتارة توزن محالها وتارة يوزن فاعلها والله أعلم). وانظر: "فتح الباري" 13/ 537 - 540.
(¬6) ذكره الرازي في "تفسيره" 8/ 25، والقرطبي 7/ 165، وأبو حيان في "البحر" 4/ 270 عن الأعمش.

الصفحة 24