كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)
[و] قوله (¬1) تعالى: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}. قال الزجاج: (وهو استثناء ليس من الأول ولكنه ممن أمر بالسجود مع الملائكة بدليل قوله: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12] فدل أن إبليس ممن أُمِر بالسجود) (¬2)
¬__________
= (202)، والنسائي في "تفسيره" 1/ 506 رقم (211)، والطبري 9/ 111، والحاكم في "المستدرك" 1/ 27 - 2/ 544، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان -يعني عرفة- فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا"، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} -إلى- {الْمُبْطِلُونَ}) [الأعراف:172, 173].
وصححه الحاكم في "المستدرك" ووافقه الذهبي في "التلخيص". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 25: (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح) اهـ. وقال الشوكاني في "تفسيره" 2/ 384، وصديق خان 5/ 73 (إسناده لا مطعن فيه) اهـ. وحسن إسناده الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة" لابن أبي عاصم 1/ 89، وصححه في "السلسلة الصحيحة" رقم (1623). وفي الباب أحاديث كثيرة بمعناه، انظر: "الدر المنثور" 3/ 261.
(¬1) لفظ: (الواو) ساقط من (ب).
(¬2) "معاني الزجاج" 2/ 14، وعلى هذا القول يكون الاستثناء منقطع، وإبليس ليس من الملائكة لكنه أمر بالسجود معهم، وذهب الجمهور إلى أن الاستثناء متصل وإن إبليس من الملائكة أو من طائفة منهم، واختاره الطبري في "تفسيره" 1/ 224، 225، والبغوي 1/ 81، وابن عطية 1/ 245، 246، وغيرهم، والظاهر والله أعلم أنه ليس من الملائكة؛ لأن الملائكة خلقت من نور وإبليس خلق من نار ولأن الملائكة مسخرة لا تعصي الله تعالى وإبليس عصى وكفر ولقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50] وتوجه الخطاب إليه وأمر بالسجود مع الملائكة لأنه كان في عامتهم ومعهم يعمل بعملهم ويتعبد كما يتعبدون ولكن غلب عليه الطبع الخبيث. أفاده شيخنا محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- في كتاب "أحكام من القرآن الكريم" 1/ 162 - 164، وانظر: "معاني النحاس" 3/ 14، و"النكت والعيون" للماوردي 1/ 102، و"زاد المسير" 1/ 65.
الصفحة 40
576