كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

ويحسن القبيح لكم لما سبق لكم عنده من الشقاء.
قال: وقال بعضهم: الإغواء الإهلاك، ومنه قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] أي: هلاكاً وبلاء، ومنه أيضًا قولهم: غَوِيَ الفصيل يَغْوَى غوى (¬1)، إذا أكثر من اللبن حتى يفسد جوفه ويشارف (¬2) الهلاك والعطب، وفسروا قوله: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] إن كان الله يريد أن يهلككم بعنادكم الحق، وهذا قول تحتمله اللغة، وأهل التفسير على القول الأول) (¬3)
قال أبو إسحاق: (في {أَغْوَيْتَنِي} قولان: قال بعضهم: أضللتني، وقال بعضهم: فبما دعوتني إلى شيء غَويت به، أي: غويت من أجل آدم) (¬4).
قال أبو بكر: (وأما قوله عز وجل: {فَبِمَا}؛ فإن الباء تحتمل أمرين: أحدهما: القسم؛ أي: بإغوائك إياي {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} بقدرتك عليَّ ونفاذ سلطانك في لأقعدن لهم على الطريق المستقيم [الذي] (¬5)
¬__________
(¬1) جاء في "الزاهر" لابن الأنباري 2/ 252 (يقال: غَوى الرجل يَغْوى غَيًّا وغَواية: إذا جهل وأساء. ويقال: قد غَوِي الفصيل يَغْوَى إذا بشم من لبن أمه عند الإكثار والازدياد منه) اهـ. ونحوه في "شرح القصائد" ص 52، وفي مصادر اللغة يطلق ذلك عليه، إذا فقد اللبن حتى كاد يهلك، ويقال أيضًا: إذا أكثر من اللبن فأتخم. انظر: "العين" 4/ 456، و"البارع" ص 443 - 445، والمراجع السابقة.
(¬2) في (ب): (ويشارك)، وهو تحريف.
(¬3) ذكر بعضه الواحدي في "الوسيط" 1/ 162، والبغوي 3/ 218، وابن الجوزي 3/ 175، وقال: (الجمهور على أنه بمعنى: الإضلال) اهـ. وهو بدون نسبة في "تفسير الثعلبي" 188 أ، والرازي 14/ 37
(¬4) "معاني الزجاج" 2/ 324، وانظر: "معاني النحاس" 3/ 16، و"تفسير السمرقندي" 1/ 533، والماوردي 2/ 206.
(¬5) لفظ: (الذي) ساقط من (ب).

الصفحة 49