كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

وقال الحكم (¬1) والسدي (¬2): {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} (يعني الدنيا {وَمِنْ خَلْفِهِمْ}، من قبل الآخرة). وهو قول ابن عباس في رواية العوفي، قال: (أما {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} فمن قبل دنياهم، وأما {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} (¬3) فأمر آخرتهم) (¬4). فهؤلاء جعلوا (بين أيديهم) الدنيا؛ لأنها بين يدي الإنسان يسعى فيها ويعمل لها والآخرة تأتي (¬5) من بعد.
وقوله تعالى: {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ}، قال الوالبي عن ابن عباس {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ}: (أُشَبِّه عليهم أمر دينهم، {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} أُشَهِّي (¬6) لهم المعاصي). وقال في رواية عطاء: ({وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} يريد: من قبل الحق، {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} يريد: من قبل الباطل) (¬7).
¬__________
(¬1) الحكم بن عتيبة الكندي أبو محمد الكوفي، إمام ثقة فقيه، تقدمت ترجمته، والأثر عنه، أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 136، 137 بسند جيد، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1445 وقال: (روي عن مجاهد والنخعي والحكم وأبي صالح والسدي) اهـ. وذكره النحاس في "معانيه" 3/ 16 - 17، والثعلبي في "الكشف" ص 188/ ب.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 137 بسند جيد وذكره السمرقندي في "تفسيره" 1/ 533، والثعلبي 188 ب.
(¬3) لفظ: (من) ساقط من (أ).
(¬4) أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 136، 137 بسند جيد عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وأخرجه الطبري أيضًا، وابن أبي حاتم 5/ 1444 بسند ضعيف من طريق عطية العوفي، وذكر النحاس في "معانيه" 3/ 17 - 18 كلا الروايتين من طريق علي بن أبي طلحة وقال: (وذلك القول لا يمتنع؛ لأن الآخرة لم تأت بعد فهي بين أيدينا وهي تكون بعد موتنا فمن هذه الجهة يقال: هي خلفنا) اهـ.
(¬5) في (ب): (يأتي).
(¬6) في (ب): (اشتهى)، والمشهور: (اشَهَّي) وقد سبق تخريجه.
(¬7) لي أقف عليه بهذا اللفظ عن ابن عباس. وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 176 عن مجاهد والسدي.

الصفحة 53