كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

فاعبدوهم هل يثيبونكم (¬1) أو يجازونكم) (¬2).
وقال أهل المعاني: (معنى هذا الدعاء: طلب المنافع وكشف المضار من جهتهم، وذلك ما يُئِس منه من قبلهم، وعبادة من هذه صفته جهل وسخف، واللام في: {فَلْيَسْتَجِيبُوا} لام الأمر على معنى التعجيز، وهو طلب الفعل إن أمكن) (¬3).
وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. أي: إن صدقتم أن لكم عند الأصنام منفعة أو ثوابًا أو شفاعة أو نصرة، قاله ابن عباس (¬4)، وسلك صاحب النظم في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} طريقة أخرى؛ فقال: (تأويل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ} {إِنَّ} على استفهام، وفي الاستفهام طرف من الإنكار كقوله: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] إلا أنه استثقل همزتان فاقتصر على إحداهما، وقد تستفهم العرب بغير الألف، قال الله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22] بمعنى: أو تلك على الإنكار، ولا يجوز أن يكون هذا خبرًا؛ لأن تعبيده بني إسرائيل لم يكن منّة عليه، ومثله قول الشاعر (¬5):
أفرح أن أرزأ الكرام وأن ... أورث ذودًا شصائصًا نبلا
أراد: أأفرح لأنه ينتفي من ذلك، ولا يرضى أن يقال له ذلك، وإنما
¬__________
(¬1) في (ب): "يثبتونكم".
(¬2) "تنوير المقباس" 2/ 148، وذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 285، والبغوي 3/ 315، والقرطبي 7/ 342.
(¬3) انظر: "تفسير الرازي" 15/ 92.
(¬4) ذكره البغوي 3/ 515 بلفظ: ({إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} إن لكم عندها منفعة). وذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 285 بلا نسبة.
(¬5) الشاهد لحضرمي بن عامر الأسدي، وقد سبق.

الصفحة 530